فقال زين العابدين (عليه السلام):
(إن القرآن نزل بلغة العرب، فهو يخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم، يقول الرجل التميمي، قد أغار قومه على بلد، وقتلوا من فيه: أغرتم على بلد كذا، وفعلتم كذا؟!
ويقول العربي: نحن فعلنا ببني فلان، ونحن سبينا آل فلان، ونحن خربنا بلد كذا، لا يريد أنهم باشروا ذلك، ولكن يريد هؤلاء بالعذل، وأولئك بالافتخار: أن قومهم فعلوا كذا.
وقول الله عز وجل هذه الآيات انما هو توبيخ لاسلافهم، وتوبيخ العذل على هؤلاء الموجودين، لان ذلك هو اللغة التي نزل بها القرآن، ولان هؤلاء الاخلاف أيضا راضون بما فعل أسلافهم، مصوبون لهم، فجاز أن يقال: أنتم فعلتم، إذ رضيتم قبح فعلهم (1).
ولا بد أيضا من معرفة خصوصيات الألفاظ وأسرار اختياراتها لمواقعها. وقد روي: انه لما نزل قوله تعالى: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم قال ابن الزبعري: فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد عيسى (عليه السلام) فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا ويل امه، أما علم إن ما لما لا يعقل ومن لمن يعقل الخ (2).
هذا، ولقدرة اللغة العربية على تحمل المعاني الدقيقة والعميقة، نجد أن الله تعالى قد اختارها لتكون لغة القرآن، وقد نوه بذلك، ووجه إليه الانظار والأفكار، ودعا إلى استخلاص المعاني الدقيقة من كتابه الكريم