فقال: ﴿إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون﴾ (١) وقال: ﴿كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون﴾ (٢) وقال: ﴿نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين﴾ (3) إلى غير ذلك من الآيات، فلننظر بدقة إلى قوله: (لعلكم تعقلون) وإلى قوله: (لقوم يعملون) وإلى قوله: (مبين) فإنه كله يشير إلى ما ذكرنا.
وبالنسبة للمستوى الفكري، وهو الشرط الثاني نقول: لو قال شخص عادي لا اطلاع له على شئ من العلوم: (كل شئ يحتاج إلى علة). فإننا لا نفكر في مقصوده كثيرا، بل ينتقل ذهننا مباشرة إلى أن مراده هو المؤثر الظاهري في وجود الشئ، فإذا أراد شخص أن يقول: لعله أراد العلة الغائية أو المادية، أو الصورية، أو قصد بالعلة السبب، أو العلة التامة ونحو ذلك. فإننا نقول له فورا: لا، إن كلامه لا يدل على ذلك ولا ينظر إليه.
ولكن - لو قال نفس هذه الكلمة ابن سينا مثلا، فإننا لابد أن نفكر لنعرف: هل أراد بالعلة واحدا مما تقدم أم لا؟. وهل أراد بالشئ البسيط أم المركب؟! وهل؟ وهل؟، إلى آخر ما هنالك من احتمالات، يمكن لابن سينا أن يقصدها من كلمة كهذه.
وإذا كان القائل طبيبا مثلا فإننا لا بد أن نفتش عن معان تتناسب مع اختصاصه ونوع ثقافته. وحتى أهدافه، فان كل ذلك يؤثر تأثيرا كبيرا في تفهيم المعنى، ومعرفة نوعه ومستواه، حيث لا بد وان ينسجم مع تلك الاهداف، ويتلائم مع المستوى الثقافي والفكري للمتكلم.
وأما إذا كان القائل يمتاز بسعة الأفق والشمولية، كأمير المؤمنين