من الممكن أن تكون صلاتهم آنئذ غير مشتملة على فاتحة الكتاب، ثم وجبت بعد ذلك وإن كان لم يذكر أحد ذلك.
أما قوله: عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب: لا صلاة له (1) وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج (2).
فهو لا ينافي ذلك إذ يمكن أن يكون ذلك تشريعا حادثا بعد ذلك.
هذا كله عدا عن أنهم يروون: أن سورة الفاتحة قد نزلت بعد المدثر (3) أي بعد عدة سنوات من البعثة.
هذا، وثمة قول آخر، وهو أن أول ما نزل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) هو سورة المدثر (4)! وستأتي الإشارة إلى أنها قد نزلت بعد المرحلة الاختيارية أو فقل: السرية، كما أنهم يروون روايات عديدة تنافي قولهم هذا (5).
وعلى كل حال، فإن تحقيق هذا الامر لا يهمنا كثيرا، فلا بد من توفير الفرصة للحديث عن الأهم فالأهم.
ولا بأس بأن نعطف الكلام هنا إلى الحديث عن معجزته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي القرآن، وسر إعجازه، فان ذلك ربما تكون له أهميته البالغة، لمن يريد أن يقرأ سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويستفيد منها: عقيدة، وشريعة، وأدبا، وسلوكا.