إن شروع نزول القرآن كان في ليلة مباركة، هي ليلة القدر من شهر رمضان، (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن). وكان أول ما نزل حسب روايات أهل البيت (عليهم السلام)، (بسم الله الرحمن الرحيم إقرأ بسم ربك الذي خلق).
والاستدلال بهذه الآيات: على أن القرآن نزل أولا دفعة إلى البيت المعمور أو على قلب النبي، ثم صار ينزل تدريجا في مدة عشرين، أو ثلاث وعشرين سنة وذلك اعتمادا على قرينة الحال، حيث إن المسلمين يرون نزوله تدريجا.
هذا الاستدلال غير صحيح، لان من الممكن أن يكون المراد بالانزال والتنزيل واحد وهو بدء النزول، فإنه إذا شرع نزول المطر في اليوم الفلاني، واستمر لعدة أيام، فيصح أن يقال مثلا: سافرت يوم أمطرت السماء، أي في اليوم الأول من بدء نزوله. وكذلك الحال بالنسبة للقرآن، فإنه إذا بدأ نزوله في شهر رمضان، في ليلة القدر، فيصح أن يقال مجازا مع وجود القرينة، وهي النزول التدريجي: نزل القرآن في شهر رمضان، ويكون المراد أنه قد بدأ نزوله التدريجي فيه.
وقوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) محتف بقرينة حالية، يعلمها كل أحد وهو نزول خصوص أول سورة (إقرأ) واستمر ينزل تدريجا بعد ذلك. وهذا كما صح أن يقال: (كماء أنزلناه من السماء)، مع أن المطر ينزل تدريجا. وما ذلك إلا لأهمية ذلك اليوم وخطره، وكل حادث خطير له امتداد زمني لم، إنما يسجل يوم شروعه، فإذا قيل مثلا: متى كانت دولة العباسيين، فسيكون الجواب بذكر سنة التأسيس قطعا.
وأما حديث البخاري في بدء الوحي والدال على اقتران نزول القرآن بالنبوة فسيأتي أنه باطل لا يصح.