مظنة الخيانة، وهو صاحب الرأي والتدبير، والعقل الكبير، وأنت القاصر المقصر في ذلك. وهكذا الحال في سائر صفاته الغر، وأخلاقه الفضلي.
3 - وقد عزز ذلك وقواه: أن كل أحد كان يعرف أميته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه لم يتلق العلم والمعرفة من أحد. وها هو لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يدعي المعرفة بجزء مما جاء به، فضلا عن بيئته المتناهية في الجهل والضياع، فلم يكن ثمة مجال للارتياب في صدقه، وصحة دعوته، إلا من مكابر، لا يرى إلا نفسه، ولا يفكر الا فيها.
وحتى لو كان قارئا، فماذا عساه يجد في كتب السابقين، وهل يمكن ان يقاس ذلك بما جاء به (صلى الله عليه وآله وسلم) من المعارف العالية، والتشريعات المعجزة، بلسان القرآن، الذي يعجز الجن والإنس عن أن يأتوا بسورة من مثله؟!
4 - ثم هو لم يسجد لصنم قط، فلا يستطيع أحد أن يعترض عليه، بأنك أنت كنت بالأمس تسجد للأصنام، وتعبد الأوثان، فلماذا تكفر بها اليوم؟!. فإن كانت عبادتها تخالف العقل والفطرة، فأين كان عنك عقلك، ولماذا شذت بك فطرتك؟!.
5 - ثم يأتي بعد ذلك أسلوب دعوته المتطور، على وفق الحكمة، وعلى حسب مقتضيات الأحوال، وفي حدود الاهداف الرسالية، التي لا بد من التقيد بها، وفي حدودها.
6 - ثم هناك اصراره، وصبره، وتحمله لكل المشاق والآلام، ورفضه لكل المساومات، حتى إنهم لو وضعوا الشمس في يمينه، والقمر في شماله على أن يترك هذا الامر، ما تركه. بل هو لا يقبل منهم أن يسلموا شرط أن يعطيهم فرصة زمنية للتزود من عبادة أوثانهم، مما أوضح لهم: أن المسألة تتجاوز حدود اختياره، وأن رب السماء هو الذي يرعى