ينظر إليها من كل أحد بعين الاجلال والاكبار، وبالأخص هو من البيت الهاشمي منها، الذي كان يمتاز بالنزاهة والطهر، وله السيادة والزعامة، والسؤدد في مكة، وله الشرف الرفيع الذي لا يدانيه ولا ينازعه فيه أحد.
فمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إذن ليس بحاجة إلى الشرف والزعامة، ليجعل من ادعاء النبوة وسيلة للوصول إليها، والحصول عليها.
وقد كان واضحا - لو قيست الأمور بالمقاييس العادية - أن دعواه تلك لسوف تجر عليه الكثير من المتاعب والمصائب، ويكون بذلك قد فرط بكل ما لديه من رصيد اجتماعي في هذا المجال، فاستمراره في دعوته مع وضوح اخطارها له يعتبر أمرا غير منطقي، لو كان ما يدعيه لا واقعية له.
كما أن كل أحد يكون على استعداد لقبول الدعوة من بني إسماعيل، الذين هم مهبط الوحي، ومعدن الطهر. وسيأتي إن شاء الله تعالى في مباحث عرض الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) دعوته على القبائل. أنه لما عرض دعوته على بني عامر بن صعصعة، ورفضوا إلا أن يجعل الامر فيهم بعده، ورفض هو، وعادوا إلى بلادهم، وتحدثوا بما كان لشيخ لهم، وضع ذلك الشيخ يده على رأسه، ثم قال: يا بني عامر، هل لها من تلاف؟ هل لذناباها من مطلب؟ والذي نفس فلان بيده، ما تقولها إسماعيلي قط، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم (1).
ب: تلك الخصائص والمميزات في الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، والتي أشار إليها جعفر بن أبي طالب بقوله: (بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته وعفافه). حتى لقد لقب ب (الصادق الأمين) فقد كان لذلك أثر كبير في ظهور دعوته، وانتصار وانتشار رسالته. وقد كان تحليه (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه