وإذن.. فهم كانوا يفقدون كل أسباب النهضة والتقدم، ولا يملكون منها حتى الأمل بالتغيير، فضلا عن ارادته، والعمل من أجله. هذا فضلا عن أن الصفات الذميمة، والعادات السيئة، التي كانت تهيمن عليهم جماعات وأفرادا لم تكن تسمح لهم بأية نهضة، أو أي تقدم نحو الأفضل، إن لم تكن تزيد من بلائهم وشقائهم، وتدفعهم خطوة بل خطوات إلى الوراء.
ولكنهم مع ذلك كله، عندما وجدوا الرسالة السماوية الحقة، استطاعت تلك الرسالة، وذلك الرسول - وفي فترة وجيزة جدا - ان تنقل هذه الأمة من حضيض الذل والمهانة إلى أوج العظمة، والعزة والكرامة، وأن تغير فيها كل عاداتها ومفاهيمها، وتخفف، بل وتقضي على كل أسباب شقائها، وآلامها. وذلك هو الاعجاز حقا.
نعم لقد استطاع الاسلام في فترة لا تتجاوز سنواتها عدد أصابع اليدين أن يحدث انقلابا حقيقيا وجذريا في عقلية ومواقف وسلوك تلك الأمة، وفي مفاهيمها، وان ينقلها من العدم إلى الوجود، ومن الموت إلى الحياة.
ولو أن المسيحية واليهودية وغيرها من الأديان والمذاهب كان فيها أدنى صلاح، ومع توفر كل الظروف الملائمة لنجاحها في تغيير الأوضاع السيئة آنذاك - لعبرت عن نفسها، ولا ثبتت وجودها، مع أن المسيحية قد كانت في العرب أيضا قبل الاسلام، وكذلك اليهودية، ولكنها لم تستطع أن تغير من عقلية العربي، وسلوكه، ومفاهيمه عن الحياة والمستقبل شيئا، بل بقي يئد البنات، ويشن الغارات، إلى غير ذلك من أفعال وصفات.
بل إنهم ليذكرون أن القبيلة العربية الفلانية التي كانت تدين