لانتهاك رابطة عن المعاء العلوي فيلتوي 9 ب.
41 لا يعطي ابن سينا في الفصل الرابع 10 أما نسميه تفسيرا علميا مقبولا لأسباب القولنج بذاته فهو يركز كثيرا على الرطوبة والحرارة ويعزو إلى سوء المزاج وتأثيرهما على الحرارة والرطوبة، ولكنه يعود للحقائق العلمية مرة أخرى عند ما يتكلم عن المرض الآلي فهو يقول: وأما المرض الآلي الذي يقع في نفس المعاء يكون سببا للقولنج هو الورم وأكثر ما يعرض فيه من الورم هو الورم الحار 10 أ.
42 إن الطرق والحقائق العلمية في كتاب الرئيس مبعثرة حسب تسلسل الكتاب فهو عند ما يقول: إما حصاة كما قيل في النادر ربما عرض قولنج عن الحصاة فقد شوهد إنسان عرض له قولنج بسبب سد حصاة محتبسة في المعاء للمسلك وإنها لما أبرحت اندفعت إلى خارج انطلقت إلى الطبيعة وأخلت القولنج 10 ب.
إن هذه الكلمات تشير إلى نقطتين: أولهما: ما نسميه بتسجيل حالة مرضية بقوله: شوهد إنسان وثانيهما: احتمالات إيجاد تلك الحالة المرضية بقوله: شواهد إنسان وثانيهما: احتمالات إيجاد تلك الحالة المرضية بقوله في النادر وتلك إنجازات تضاف إلى الحقائق الأخرى أيضا.
43 يفرق ابن سينا بين الكمية والنوعية التي نعطيها أهمية كبيرة في عالمنا الطبي اليوم فهو يقول: إما لكيفية الغذاء وإما لكميته وإما لتركيبه وإما لترتيبه 10 ب.
ويستمر بذكر الأمثلة لكل واحد منها فهو يقول: فان يكون الغذاء في جوهره يابسا قابضا مثل الذرة والجاورس والجبن 10 أ، أو حتى بطرق التحضير قائلا ضارا كذلك بالصنعة مثل المشوي تشوية بالغة من اللحوم والبيض 10 أ. وهذا يتبعه اليوم الطبيب عند وصفه للأغذية وطرق تحضيرها، ولما له من أهمية لا تقل عن الدواء، ولم يغفلها الشيخ الرئيس، ثم يعود ليناقش الكمية بعد أن فرع من النوعية قائلا: فاما كثرته إذا كان كثيرا لا تهضمه الطبيعة ولا يقدر على دفعه 10 ب. وهذا ما نسميه اليوم التخمة وعسر الهضم، وأما قلته فان الغذاء إذا كان قليلا والجوع شديدا أقبلت الطبيعة على استقصاء المرض فيجفف الثفل 10 ب. وهذا ما نشاهده في الجوع.
44 يعطي ابن سينا أهمية كبرى للغذاء في أن يكون سببا للقولنج قائلا: وخصوصا القرع، فان له خاصية في إحداث القولنج، وأن يكون كثيره فلا ينهضم تمام الانهضام، وكل غذاء لم ينهضم تمام الانهضام فهو بلغم. 11 أ. وهو مصيب عند ما يصف الأغذية التي لا تهضم قائلا:
والأغذية التي لا تنهضم يكون من حقها أن تندفع عن الطبيعة، فان كانت معتدلة المقدار واندفعت بسهولة، وإن لم تكن معتدلة بل مفرطة الكثرة فلا يخلو، أما أن يقوى عليها الحركة العنيفة من الطبيعة فيدفعها دفعا بعنف فيعرض إن تتبعها رطوبات أخرى من البدن فيكون إما استطلاق وذرب، وإما هيضة، فان عجزت القوة الدافعة عنها حدث القولنج 11 أ.
45 نحن اليوم نوصي المريض بعدم نسيان نفسه عند ما تدعو الحاجة إلى التبرز فهذا مضر وقد يؤدي إلى الإمساك الشديد المرضي، وهذا ما لم يغفله الشيخ الرئيس فهو يقول: أو ضعف عضل البطن من تشنج أو استرخاء أو كثرة الصبر على مدافعة الحاجة 11 ب.
وهنا يوضح نقطتين: أنه يعلم أن الإنسان يحتاج إلى عضلات بطنه للتبرز بزيادة الضغط، فالعصر وهذا يفقد متى ما كان العضل ضعيفا نتيجة تشنج واسترخاء، وثانيهما: ركز على أهمية تلبية نداء القولنج الذي يسميه مدافعة الحاجة والذي له أهمية كبيرة في أمراض القولون ومعالجاتها في عصرنا هذا.
46 نعرف اليوم طبيا أن الماء البارد على الريق قد يسبب المغص المعوي وهذا ما يشير إليه الشيخ الرئيس قائلا: وشرب الماء البارد كثيرا أو خصوصا على الريق وتناول الأغذية الكثيرة دفعة أو التناول على التخم وقلة الرياضة 11 ب.
47 إن الشيخ الرئيس عند وصفه لعلامات القولنج المرضية لا يختلف عن أي كتاب طبي اليوم، فالتسلسل والتتابع والوصف الشامل موجود عنده فيقول:
علامات القولنج جملة وتفصيلا تبتدئ أولا بتقلب نفس وبعض الطعام وفوات شهوة له ووجع الأطراف وخصوصا في الساق، ويظهر وجع ناخس في البطن يبتدئ أكثره من اليمين ثم يصير إلى اليسار، وكذلك يظهر عند ابتدائه في الأكثر خرز من أصل القضيب وتنجذب إحدى الخصيتين إلى فوق ثم يشتد الوجع دفعة ويعرض قيء وكرب لاحتباس البطن والريح، وربما أدى لشدة الوجع أن يحدث غشي وعرق بارد 12 أ. وهو يفرق بين الأسباب الظاهرية والمخفية ويدلل على ذلك بالعلامات الناتجة من الخفية فهو يشير إلى ذلك بقوله: مثل احتباس ما ينصب إلى المعاء من المرارة وعلامة ذلك بياض ما كان يبرز وحدوث اليرقان وكون البول زعفرانيا إلى السواد وانصباغ زبد البول بالصفرة 12 ب.
إن هذه الأعراض المربوطة منطقيا وطبيا تدل على حقائق كثيرة لوحدها، فانصباغ زبد البول بالصفرة هو ما يفتش عليه طبيب اليوم عند محاولته البحث عن الصفراء في البول وهذا إنجاز طبي لوحده.
48 يتطرق الشيخ الرئيس في الصفحة 12 ب من المخطوطة شارحا علامة كل نوع من أنواع القولنج، وهو ما نتبعه في الوصف الطبي اليوم، ويشير إلى اختلاف الأعراض تفصيلا دقيقا. ففي الريحي يقول مثلا: وأما الريحي فعلامته ثفلا وتمددا ومغصا في المعاء، وقراقرا تقدمت ثم سكنت واحتباس الثفل معه أو قلة خروجه وكون ما يخرج شبيها باخثاء البقر وإذا ألقي على الماء طفا ولم يرسب 12 ب.
والناظر إلى هذا التشبيه باخثاء البقر تسهيلا للممارس الطبي وحقيقة الالقاء في الماء الذي هو نوع من الفحص الطبي، بحد ذاته، يدل على طول باع في الممارسة الطبية وقوة الملاحظة والاستفادة منها في التشخيص التفريقي بين مختلف أنواع القولنج.
49 نحن اليوم نستفيد من وصف نوع الألم للتوصل إلى المرض في الممارسة الطبية، وهذا ما يشير إليه الشيخ الرئيس بقوله: كان الوجع يثقب بمثقب أو كأنه مسلة مغروزة فيها والذي يثقب يكون سببه ريحا متحركة، والذي هو كالمسلة سببه ريحا محتبسة 13 أ.