والكحل والمني والريحان والقراصيا والسمن والودك والبلح والعصفر والبان والتفاح والإجاص والزنجار والسوسن والدهن والزفت والأشكلاط وطبع الورد والقراصيا والخوخ والعفص.
وأورد كذلك وسائل لقلع الأصباغ من الثياب والسواد من الخف، ورد ألوان الثياب بما فيها الأطلس والعتابي وقلع الدهن، وتنظيف الشياشيات الحريرية من أوساخها وبقعها وغيرها.
الرسالة يبدو أن الكندي كان قد تلقى رسالة من أحدهم يسأله فيها عن قلع الآثار والطبوعات من الثياب وغيرها، فكتب إليه هذه الرسالة التعليمية الخفيفة المئونة، السريعة التعلم والسهلة على الطالب. والتي فيها منفعة للخاصة والعامة.
والرسالة بكل بساطة تعرض لكل ما يقلع الأثر من الثياب الفاخرة والثياب البيضاء والخز والوشي والطيالسة الطرازية والقرمزية والفراء، وكذا المصبوغ من الثياب أما الآثار التي قد تلحق بما ذكر عالية فهي آثار وطبوعات كل من: المداد والحبر والدبق والشمع والنفط والبزر والسمن والودك من اللحم والرؤوس والسمك والمرق والنطفة والدم وقشور الرمان وأثرها والمغرة والأسرنج والسواد.
إن القراءة المتأنية للرسالة تفيدنا في تسجيل الحقائق التالية:
كانت أكثر المواد استعمالا لقلع الآثار والطبوعات هي الماء والحرض الأشنان والصابون.
تظهر الرسالة أن العلماء العرب المسلمين قد عرفوا التدخين كطريقة للتنظيف، وخاصة تدخين القماش أو الثياب بالكبريت، فالسواد من الثياب المصبوغة يدلك بحماض الأترج المرضوض ثم يدخن بالكبريت وهو رطب، والثوب الأحمر يغسل بالحرض ويدخن بالكبريت، ولإزالة أثر الزعفران يغسل بالبورق ويدخن بالكبريت، وكذا آثار وطبوعات الأسرنج والمغرة تطلى بالماذريون المدقوق وتدلك بماء الحمض وتدخن بالكبريت، والثوب الوشي إذا بان فيه أثر البزر، بخر بالكبريت وغسل بالصابون.
وفي تقديري أن هذه المسألة من أهم ما عرفه العلماء العرب في مجال تنظيف الثياب ففي عصرنا نرى أن التنظيف بالبخار إنجاز علمي متقدم، وعندي أن التنظيف بالبخار قد عرفه العرب منذ منتصف القرن الثالث الهجري، وقد وردت إشارة صريحة إلى ذلك في مخطوطة فوائد في قلع الآثار من الثياب وغيرها والذي يعود تاريخ نسخه إلى منتصف القرن الثامن الهجري، ونص العبارة: إذا أردت أن يذهب صبغ الثوب فدخنه وهو رطب بالكبريت، وأي صبغ لا يذهب بالغسل يذهب بالتبخير. فالتبخير يعلو الغسل مرتبة في التنظيف، وتلك نظرية العصر في زماننا.
كانت المواد المستعملة في إزالة الآثار والطبوعات مما يسهل الحصول عليه من البيئة ولا تحتاج إلى كثير عناء لا في التحضير أو التجهيز مثل الخل والحرض والصابون والأشنان واللبن والملح والخردل والشعير والماذريون والكبريت والسمسم والصعتر والرماد والطين الحر والرمان والبورق والخطمي والقرطم والقلي والنورة والتين والكتان والتمر وغيرها من المواد المذكورة في الرسالة، وهي في مجملها مواد متوفرة في البيئة المحلية.
اتسمت الرسالة بالاختصار الشديد فلم تفصل في كيفية استعمال المواد أو طرق استخدامها والكميات التي يجب خلطها بعضها مع بعض، ولعل الكندي كان مدركا لذلك ولكنه تركها ثقة منه بفطنة من يخاطبه في عصره، بل إن فصل علي بن ربن الطبري يبدو أشد اختصارا من رسالة الكندي، وكذا الفوائد في قلع الآثار، أما الفصل التاسع من المخترع فإنه يفصل ويوضح ويشرح كيفية استعمال المواد وكمياتها النسبية ومعالجتها عند وضعها على الثياب وغيره. ومعلوم أن صاحب المخترع قد عاش في منتصف القرن الثامن الهجري تقريبا، وطبيعة الحياة في عصره تختلف عن نظيرتها في منتصف القرن الثالث الهجري.
وبالاجمال، فان الرسالة تطرح موضوعا جديدا في بابه لا علم لمحققها إن كان أحد من الباحثين والمحققين في التراث العربي أو الدارسين لتاريخ العلوم عند العرب قد أشاروا لهذا الفن فن قلع الآثار والطبوعات من الثياب وغيرها في أبحاثهم أو دراساتهم.
يوسف بن قزغلي بن عبد الله التركي العوني الهبيري البغدادي سبط أبي الفرج بن الجوزي.
هكذا ذكره الذهبي في الصفحة 297 من الجزء 23 من كتابه سير أعلام النبلاء. ووصفه: بالشيخ العالم المتفنن الواعظ البليغ المؤرخ الأخباري واعظ الشام. وكان قد أضاف إلى ألقابه لقب الحنفي. ثم قال في ترجمته:
ولد سنة نيف وثمانين وخمس مائة. وسمع من جده ومن عبد المنعم بن كليب وعبد الله بن أبي المجد الحربي، وبالموصل من أحمد وعبد المحسن بن ابني الخطيب الطوسي، وبدمشق من أبي حفص بن طبرزد وأبي اليمن الكندي وطائفة.
حدث عنه الدمياطي وعبد الحافظ الشروطي والزين عبد الرحمن بن عبيد والنجم الشقراوي والعز أبو بكر من الشايب وأبو عبد الله بن الزراد والعماد بن البالسي، وآخرون.
انتهت إليه رئاسة الوعظ وحسن التذكير ومعرفة التاريخ، وكان حلو الايراد، لطيف الشمائل، مليح الهيئة، وافر الحرمة، له قبول زائد وسوق نافذ بدمشق. أقبل عليه أولاد الملك العادل وأحبوه، وصنف تاريخ الزمان وأشياء، ورأيت له مصنفا يدل على تشيعه. وكان العامة يبالغون في التغالي في مجلسه.
سكن دمشق من الشبيبة وأفتى ودرس. توفي بمنزله بسفح قاسيون، وشيعه السلطان والقضاة، وكان كيسا ظريفا متواضعا، كثير المحفوظ، طيب النغمة، عديم المثيل.
له تفسير كبير في تسعة وعشرين مجلدا.
توفي في ذي الحجة سنة أربع وخمسين وست مائة انتهى.
ويبدو أن الكتاب الذي ذكر الذهبي انه يدل على تشيع المترجم هو كتاب رياض الافهام وهو في مناقب أهل البيت، وفيه قول النبي ص لعلي:
من كنت مولاه فعلي مولاه.