والظفر، حتى إذا صاروا إلى النخيلة عسكروا بها.
وخرج سليمان من الكوفة في نفر من أصحابه، حتى إذا أشرف على أصحابه وعسكره لم يعجبه ما رأى من قلة الناس، فدعا برجلين من أصحابه: حكيم بن منقذ الكندي والوليد بن غضين الكناني، فقال لهما:
اركبا فمرا بالكوفة وناديا في الناس: من أراد الجنة ورضاء الله والتوبة فليلحق بسليمان بن صرد إلى النخيلة.
ففعلا ما أمرهما به وناديا بالكوفة، فسمع ذلك رجل من الأزد يقال له عبد الله بن خازم، وله امرأة يقال بها سهلة بنت بسرة، فلما سمع النداء وثب إلى ثيابه فلبسها، وأفرع عليه سلاحه وأمر باسراج فرسه، فقالت له ابنته ما لي أراك متأهبا؟ فقال لها: إن أباك يريد أن يفر من ذنوبه. فقالت له امرأته:
ما شأنك ويحك؟ خبرني قضيتك، فقال: ويحك أيتها المرأة، إني سمعت الداعي فأحببت أن أجيبه، وأنا أطلب بدم الحسين بن علي وإخوته وأهل بيته حتى أموت أو يقضي الله في ذلك من أمره ما يحب ويرضى، فقالت له امرأته: ويحك على من تخلف أهلك وولدك؟! فقال: على الله وحده. ثم رفع طرفه نحو السماء فقال: اللهم إني أستودعك أهلي وولدي فاحفظني فيهم، وتب علي مما فرطت في نصر ابن بنت نبيك، ثم خرج حتى لحق بسليمان بن صرد.
عبد الله بن عمرو النهدي.
لما التقى جيش المختار بجيش مصعب بن الزبير، كان عبد الله بن عمرو النهدي في جيش المختار، وكان محمد بن الأشعث في جيش مصعب فقال عبد الله: ويحكم أروني الموضع الذي فيه محمد بن الأشعث فإنه ممن قاتل الحسين بن علي وشارك في دمه فقالوا: ألا ترى هو في الكتيبة الحمراء على الفرس الأدهم؟ فقال: بلى قد رأيته، فدعوني وإياه. ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال: اللهم. إنني على ما كنت عليه بصفين، اللهم وإني أبرأ إليك ممن قتل أهل البيت بيت نبيك محمد ص، أو شارك في دمائهم. قال: ثم حمل حتى خالط أصحاب مصعب بن الزبير، فجعل يضرب فيهم ضربا منكرا وهو في ذلك يلاحظ محمد بن الأشعث، حتى إذا أمكنته الفرصة وحمل عليه، ضربه ضربة على رأسه جدله صريعا.
واختلط الناس من أصحاب ابن الزبير بعبد الله بن عمرو هذا فقتلوه.
عبد الله بن عوف الأحمر.
لما تهيا التوابون للمسير للطلب بثار الحسين ع وعزموا على ذلك، جعل عبد الله بن عوف بن الأحمر الأزدي يحرض الناس على ذلك ويذكر ما كان منه، فبدأ ذلك في أيام صفين وحروبها، فأنشأ يقول:
صحوت وودعت الصبا والغوانيا * وقلت لأصحابي أجيبوا المناديا وقولوا له إذ قام يدعو إلى الهدى * وقتل العدى لبيك لبيك داعيا وشدوا له إذ سعر، الحرب أزره * ليجزى امرؤ يوما بما كان ساعيا وقودوا إلى الأعداء كل طمرة * وقودوا إليكم سانحات المذاكيا وسيروا إلى القوم المحلين جنة * وهزوا حرابا نحوهم وعواليا ألسنا بأصحاب الحزيبة والأولى * قتلنا بها من كان حيران باغيا ونحن شمرنا لابن هند بجحفل * كركن حوى يزجي إليه الدواهيا الا وانع خير الناس جدا ووالدا * حسينا لأهل الدين إن كنت ناعيا ليبك حسينا من رعى الدين والتقى * وكان غياثا للضعيف وكافيا ويبك حسينا ذو أمان وحفظة * عديم وأيتام عد من المواليا وأضحى حسين للرماح دريئة * وغودر مسلوبا لدى الطف ثاويا فيا ليتني إذ ذاك كنت شهدته * وضاربت عنه السائبين الأعاديا ودافعت عنه ما استطعت مجاهدا * وأعملت سيفي فيهم وسنانيا ولكن قعدنا في معاشر ثبطوا * وكان قعودي ضيلة من ضلاليا فيا ليتني غودرت فيمن أجابه * وكنت له من مقطع القتل واديا ويا ليتني أخطرت عنه بأسرتي * وأهلي وخلاني جميعا وماليا سقى الله قبرا ضمن المجد والتقى * بغربية الطف الغمام الغواديا ولكن مضى لا يملأ الروع نحره * فبورك مهديا شهيدا وهاديا فصلى عليه الله ما هبت الصبا * وما لاح نجم أو تحدر هاويا ولما انتهى التوابون من زيارة قبر الحسين ع ولزموا الطريق الأعظم كان عبد الله بن عوف يسير معهم على فرس كميت يتأكل تأكلا وهو يقول:
خرجن يلمعن بنا أرسالا * عوابسا قد تحمل الأبطالا نريد أن نلقي بها الأقيالا * الفاسقين الغدر والضلالا وقد رفضنا الأهل والأموالا * والخفرات البيض والحجالا الشيخ عبد المحسن بن محمد بن مبارك اللويمي البلادي الأحسائي المتوفى حدود سنة 1250 ه.
عاش في قرية البطالية من قرى الأحساء، وكانت تعرف آنذاك ب البلاد، وإليها نسبته، وكان له فيها مسجد خاص روى عن أكثر من عالم من أعلام العلماء، منهم:
السيد محمد مهدي بحر العلوم.
والشيخ حسين آل عصفور.
والسيد مهدي الشهرستاني الحائري.
والشيخ أحمد بن الشيخ حسن الدمستاني.
وروى عنه جماعة من العلماء، منهم:
الشيخ سليمان آل عبد الجبار البحراني القطيفي.
والشيخ علي الشيخ مبارك آل حميدان الخطي الجارودي.
وكان فقيها مجتهدا، وقد وقفت في مكتبتنا الخاصة بمدينة البصرة على إحدى رسائله الاستدلالية في الصلاة، فرأيته ذا أصالة في الرأي، وعمق في النظرة، ودقة في مناقشة الأدلة، واستقامة في استنطاق النصوص.
وله عدة مؤلفات ذكرها في إجازته للمشائخ المذكورين، منها:
1 التحفة الفاخرة، فرع من تأليفه في سنة 1218 ه.
2 جامع الأصول عن أهل الوصول.
3 الرسالة الصغرى في الصلاة.
4 الرسالة الوسطى في الصلاة.
5 الرسالة الكبرى في الصلاة.
6 شرح الأجرومية في النحو.