كما من جبل عامل. وليرى القارئ أن من يموت مهاجرا لا بد أن يحل محله مهاجر آخر.
الدكتور جواد علي.
ولد في الكاظمية العراق سنة 1907 م وتوفي سنة 1987 م 1408 ه بعد مرض عضال:
تلقى تعليمه في بغداد ثم في ألمانيا حيث حصل على الدكتوراه في التاريخ العربي سنة 1938 م من جامعة همبورغ.
تولى أمانة لجنة التأليف والترجمة والنشر التي كانت نواة المجمع العلمي العراقي الذي أنشئ سنة 1947 فأصبح عضوا فيه وأمينا له.
وقد نعاه الجمع بهذا النص: إنه بوفاة الدكتور جواد علي خسر البحث العلمي علما كرس حياته للبحث المتعمق والعمل في كشف المجهول وإجلاء الغوامض والإنتاج العلمي الرصين في ميدان التاريخ العربي، وفقد المجمع ركيزة من دعائمه بما أسهم فيه من أعمال علمية، وما تحلى به من جدية واتزان وحرص على أداء الواجب، وخلق رضي اتسم بحب الخير والتعاون، والاسهام المخلص بكل عمل علمي بناء.
ويعد الدكتور جواد علي أحد أبرز المؤرخين في العصر الحديث الذين أثروا المكتبة العربية بمجموعة قيمة من البحوث والدراسات الأدبية والتاريخية الرصينة ومنها: المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، التاريخ العام، تاريخ العرب في الاسلام، موارد تاريخ الطبري، موارد تاريخ المسعودي، الحمادون، الشعر الجاهلي ولغة القرآن الكريم، سلسلة بحوث عن التاريخ في اليمن القديم، سلسلة بحوث عن تطور العربية.
وقد ركز جهوده على تاريخ العرب قبل الاسلام، فاستوعب مصادره وما كتب فيه في العربية وغيرها، ونظر فيه نظرات ثاقبة، وكانت ثمرة ذلك تاريخه الشهير الذي جاء في عشر مجلدات ضخمة تعد مرجعا أساسيا لكل باحث.
كما أولى اهتماما خاصا للعربية القديمة وتاريخ اليمن قبل الاسلام، واستوعب في ذلك النقوش والكتابات القديمة، وأعد معجما للغة السبئية.
ومن مؤلفاته التي كانت معدة للطبع عند وفاته: معجم ألفاظ المسانيد.
جويرية أم حكيم ابنة خالد بن قارظ الكنانية:
أرسل معاوية إلى الحجاز واليمن بسر بن أرطاة وكان مما أوصاه به: اقتل شيعة علي حيث كانوا. واطرد الناس، وأخف من مررت به، وانهب أموال كل من أصبت له مالا ممن لم يكن يدخل في طاعتنا، وأرهب الناس منك فيما بين المدينة ومكة.
إلى آخر ما أوصاه.
وكان عبيد الله بن العباس والي علي على اليمن قد هرب من صنعاء لما بلغه قدوم بسر، وجعل ابنيه عند رجل من بني كنانة، وأمهما جويرية أم حكيم ابنة خالد بن قارظ الكنانية، فمر بسر ببني كنانة فلما انتهى إليهما أراد أن يقتلهما، فلما رأى ذلك الكناني دخل بيته وأخذ السيف وخرج إليه، فقال بسر: ثكلتك أمك، والله ما كنا أردنا قتلك، فلم عرضت نفسك للقتل؟
فقال: نعم أقتل دون جاري أعذر لي عند الله والناس، ثم شد عليهم بالسيف حاسرا وهو يقول:
آليت لا يمنع حافات الدار * ولا يموت مصلتا دون الجار إلا فتى روع غير غدار فضارب بسيفه حتى قتل وقدم بسر الغلامين فذبحهما، فخرج نسوة من بني كنانة، فقالت امرأة منهن: هذه الرجال تقتلها فعلام تقتل الولدان؟! والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية ولا في الاسلام، والله إن سلطانا لا يشتد إلا بقتل الضرع الضعيف والمدرهم الكبير (1) لسلطان سوء.
وقالت جويرية أم الغلامين:
ها من أحس بابني الذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف ها من أحس بابني الذين هما * سمعي وقلبي فقلبي اليوم مختطف ها من أحس بابني الذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف (2) نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من قتلهم ومن الإفك الذي اقترفوا أودى علي ودجي ابني مرهفة * مشحوذة وكذاك الاثم يقترف من دل والهة حرى مسلبة * على صبيين ضلا إذ مضى السلف وكان الذي قتل بسر في وجهه ذاهبا وراجعا ثلاثين ألفا. وحرق قوما بالنار. وفي ذلك يقول الشاعر يزيد بن مفرع من أبيات:
إلى حيث سار المرء بسر بجيشه * فقتل بسر ما استطاع وحرقا الشيخ حبيب بن قرين:
كان أحد مراجع التقليد في الأحساء في عصره، وهو الشيخ حبيب بن صالح بن علي بن صالح بن محمد بن محسن بن علي القريني الأحسائي المعروف الشيخ حبيب بن قرين، أصله من قرية القرين إحدى قرى الأحساء الشمالية ولهذا يقال له القريني وابن قرين.
كان آباؤه وأجداده جلهم من العلماء الفضلاء، وبيته بيت علم وشرف، وجده الثالث الشيخ محمد بن الشيخ محسن القريني، كان أحد كبار العلماء في عصره وهو من أساتذة الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي كما جاء في جوامع الكلم ج 2، ص 254.
ومن تلك السلالة الطيبة ولد الشيخ حبيب، وكانت ولادته في قرية كردلان من نواحي البصرة حدود سنة 1275 ه، وفي تلك القرية تربى وقضى أيامه الأولى تحت رعاية والديه وأسرته الكريمة.
وكانت دراسته العلمية في النجف الأشرف على يد علمائها آنذاك أمثال شيخ الشريعة الأصفهاني وغيره، وقد أجيز من عدد من أولئك الأعلام دراية ورواية منهم: أستاذه شيخ الشريعة الأصفهاني والشيخ محمد عبد الله آل عيثان والسيد ناصر السيد هاشم الأحسائي وغيرهم.
وحين أكمل دراسته العلمية في النجف الأشرف، عاد إلى مسقط رأسه كردلان وأصبح في تلك النواحي مرجع تقليد لعدد كبير من المؤمنين لا سيما الأحسائيين المقيمين هناك وبقي في كردلان حتى توفي في الأحساء السيد ناصر السيد هاشم الأحسائي سنة 1358 ه، فرجع معظم أهل الأحساء في