بسم الله الرحمن الرحيم أقدم للقراء المجلد الثاني من (مستدركات أعيان الشيعة)، وبذلك أكون قد وفيت بوعيدي لهم، شاكرا الله على أن من بتحقيق ذلك، بعد أن من بما من به من انجاز الكتاب بكامله وإخراجه بحلته التي خرج بها.
وإذا كانت نعم الله لا تحصى، فإن من تلك النعم ما لا ينسى، بل يظل مائلا في الذهن ما طلعت الشمس وتوالى الليل والنهار، ويظل مبعث الحمد في كل ساعة.
ومن اجل تلك النعم علي أن وفقني لان أجعل من تلك المسودات المتراكمة التي تركها والدي مما لم يطبعه من اجزاء (أعيان الشيعة ) أن اجعلها كتبا مطبوعة وأسفارا سائرة كل مسير.
لقد كنت عندما أبصر تلك المسودات وأجيل ناظري عليها مبثوثة على الرفوف طبقة فوق طبقة - كنت استغرق في اليأس والأسى، فمن لي بأن استوعب ما فيها، واجمع متناثرها وألم متنافرها، ومن لي - إذا استطعت ذلك - بأن أضمها بعضها إلى بعض مجلدا بعد مجلد تصل إلى أيدي القراء.
لقد كان مبعث أساي إني عاجز عن إخراج مسودات (أعيان الشيعة) وإني شبه يائس من أن لا تقف مواضيعه عند حرف السين في الجزء الخامس والثلاثين.
لقد كنت أحلم بأن أرى مواد حرف الشين، ثم مواد الحروف الأخرى مرسومة رسما طباعيا بعد أن كنت اقلبها بيدي مرسومة رسما كتابيا...
تلك كانت أحلام اليقظة وأحلام الهجوع. تلك كانت مطامعي ومطامحي!...
ومن لي بأن يصبح الحلم أمرا واقعا، ومن لي بتحقيق المطامع والمطامح؟!.
ولكن الله العلي القدير، الله الرحمن الرحيم، حول الحلم إلى حقيقة وجعل المطاع والمطامح ملء اليد...
فإذا بموسوعة (أعيان الشيعة) تخرج في أحد عشر مجلدا هي الغاية في الأناقة والاتقان، ورقا وطباعة وتجليدا.
وإذا بها لا تقف عند ذلك... وإذا بالمطامع والمطامح تتسع وتتسع، وإذا بي وأنا القانع أصبح الطامع الذي لا حدود لطمعه، وإذ بالأحد عشر مجلدا لا تسد خلتي ولا تشبع نهمي، وإذا بي أركض من مكان إلى مكان، وأسعى من إنسان إلى إنسان، ركض الواله وسعي السغب!..
لقد خرج المجلد الأول من (المستدركات)، وها هو المجلد الثاني يتبعه، فهل هدأ الطمع، وهل قر النهم؟!.
لا... سيظلان مستعرين ما دامت الأنفاس تتردد والقلب ينبض والجسد يتحرك... وما دام توفيق الله يرعاني، ورحمته تحوطني...
وإلى اللقاء في المجلد الثالث إن شاء الله.
رمضان 1408 نيسان 1988 حسن الأمين