رأسه ووجهه، فحمل القاضي جريحا إلى داره، وظل حتى اندمل جرحه، فصار من ذلك اليوم يحرسه عشرون رجلا بالسلاح، وكان إذا صلى وقف خلفه الحرس بالسيوف حتى يفرع من الصلاة ثم يصلي حرسه، ولا نكاد نسمع أن قاضيا من قضاة المسلمين في التاريخ الاسلامي كله كان يصلي والشرطة تحرسه غير الحسين بن علي بن النعمان، وزاد الحاكم في إكرامه حتى أمر أن يضاف له أرزاق عمه وصلاته وإقطاعاته، وفوض إليه الخطابة والإمامة بالمساجد الجامعة، وولاه الدعوة وقراءة مجالس الحكمة التأويلية بالقصر وكتابتها، وهو أول قاض أضيفت إليه الدعوة من قضاة الفاطميين ويظهر أنه في ذلك الوقت دب دبيب الشقاق بين أبناء هذه الأسرة فهذا القاضي طالب ابن عمه عبد العزيز بن محمد بن النعمان ببعض ودائع كانت في الديوان أيام ولاية محمد بن النعمان على القضاء، وتشدد القاضي في مطالبة ابن عمه بهذه الودائع حتى ألزمه أن يبيع كل ما خلفه أبوه سدا لهذه المطالبة، ولست في مركز يسمح لي أن أقول: أكان تشدد القاضي عن ورع ودين أم عن حسد وغيرة وشقاق بين بني الأعمام. ومهما يكن من شئ فقد صرف هذا القاضي عن رتبة القضاة والدعوة في رمضان سنة 394، وأمر الحاكم بحبسه ثم ضربت عنقه في مطلع سنة 395 ه وهكذا لقي حتفه بيد الحاكم، بعد أن كان مكرما لديه مقربا إليه.
5 وولي القضاء بعده ابن عمه عبد العزيز بن محمد بن النعمان المولود في أوائل ربيع الأول سنة 355 ه وهو الذي كان ينوب عن أبيه في القضاء، وكان عالما من علماء الدعوة الفاطمية ينسب إليه كتاب البلاغ الأكبر والناموس الأعظم في أصول الدين، وهو الكتاب الذي رد عليه القاضي أبو بكر الباقلاني وقيل: إن هذا الكتاب من تصنيف عمه علي بن النعمان، ومهما يكن من شئ فالقاضي عبد العزيز بن محمد هو أول من ولي النظر على دار العلم وكان يجلس في الجامع ويقرأ على الناس كتاب جده النعمان اختلاف أصول المذاهب وعلى الرغم من أنه خص بمجالسة الحاكم ومسايرته فإنه لم ينج من نزوات الحاكم وتقلباته، فعزله عن القضاء سنة 398 ه ثم اعتقله في السنة التالية ثم عفا عنه وأعاد إليه النظر في المظالم وخلع عليه، وفي سنة 401 اضطر هذا القاضي إلى أن يهرب من وجه الحاكم هو والقائد الحسين بن جوهر الصقلي، فصادر الحاكم بيوتهما وحمل كل ما كان فيها، ثم كتب الحاكم لهما بالأمان وخلع عليهما، ولكنه أمر بعد ذلك بقتلهما في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة 401 ه.
وبعد هذه المأساة ضعف أمر بني النعمان وساءت حالهم. ولم تبق لهم تلك السطوة ولا ذلك النفوذ، حتى إن القاسم بن عبد العزيز بن محمد بن النعمان ولي القضاء سنة 418 ه ولكنه لم يمكث في هذه المرتبة سوى عام وشهرين، وأعيد مرة أخرى إلى القضاء سنة 427 ه وأضيفت إليه الدعوة، ويقول عنه المؤيد في الدين: وتوجهت إلى الموسوم بالقضاء والدعوة، وهو يومئذ القاسم بن عبد العزيز بن محمد بن النعمان رحمه الله وإيانا، فرأيته رجلا يصول بلسان نسبه في الصناعة التي وسم بها دون لسان سببه، فارغا مثل فؤاد أم موسى ع، وفيه جنون يلوح من حركاته وسكناته (1) وعزل القاسم عن هذه المراتب سنة 441 ه ويحدثنا المؤيد أن نساء بني النعمان تشفعن للقاسم عند أم المستنصر وألحفن عليها بالسؤال لإعادته، فعينه الوزير اليازوري سنة 442 ه نائبا له في الدعوة، فقبل القاسم أن يكون تابعا لداعي الدعاة بعد أن كان أصلا في هذه الخدمة، واستمر القاسم بن عبد العزيز نائبا لليازوري في مرتبة الدعوة حتى أقعده المرض، فأناب ابنه محمد بن القاسم في الدعوة بدله، واستمر محمد، نائبا عن والده في نيابة الدعوة حتى سنة 450 ه ثم لم نعد نسمع شيئا عن هذه الأسرة التي ظلت زهاء قرن في مكانة رفيعة عالية وفي اتصال بالأئمة الفاطميين، كما كان لهذه الأسرة أثرها في بعث العقائد الفاطمية في نفوس الناس بما ألفوه من كتب وما ألفوه من مجالس الدعوة وبما كانوا يحكمون به في القضايا على حسب فقه المذهب الفاطمي الذي وضعه لهم النعمان بن محمد مؤسس هذه الأسرة.
السيد نعمة الله الجزائري ابن السيد محمد جعفر المتصل نسبه بالسيد نعمة الله صاحب الأنوار النعمانية.
ولد في كربلا سنة 1326 وتوفي سنة 1362 في شوشتر أثناء سفره إلى إيران صحب والده إلى الأهواز وأقام فيها، ثم حضر عند الأنصاري فاخذ عنه علوم اللغة العربية، ثم ذهب إلى دزفول واخذ الفقه وأصوله عن الشيخ محمد رضا الدزفولي ولازمه. وبعد وفاة أستاذه سنة 1352 هاجر إلى النجف الأشرف وحضر دروس الميرزا أبي الحسن المشكيني والشيخ ضياء الدين الأراكي والسيد أبو الحسن الأصفهاني وغيرهم.
ترك آثارا بقيت في المسودات، ونظما بالفارسية والعربية، فقد أكثرها.
منها: كتاب في النحو. شرح التهذيب في المنطق للتفتازاني، رسالة في حجية اخبار الآحاد. منتخب الاخبار في الأخبار الصحيحة في مختلف المواضيع.
وكان والده وأجداده من العلماء. وولده السيد محمد المولود سنة 1350 اشتغل بالعلم في النجف الأشرف وهاجر إلى الأهواز سنة 1377 وهو اليوم يسكن طهران وله مؤلفات مطبوعة ومخطوطة، فمن المطبوع: نابغة فقه وحديث وهو ترجمة جده الاعلى المحدث الجزائري. شجرة مباركة في تراجم آل السيد نعمة الله الجزائري وهو عدة مجلدات طبع منها المجلد الأول.
ومن المخطوط: حاشية على شرح التجريد للعلامة الحلي الموسوم بكشف المراد. بقية مجلدات شجرة مباركة.
كما أن له عدة دراسات عن مؤلفين نشرت مقدمات لكتبهم. ومصادر ترجمة الشيخ الطوسي نشرت مع أبحاث ذكرى الطوسي الألفية.
نعيم بن هبيرة الشيباني.
التحق مصقلة بن هبيرة الشيباني بمعاوية بعد أن كتب إليه أمير المؤمنين علي ع وكان عامله على اردشير خرة بهذا الكتاب:
أما بعد فان من أعظم الخيانة خيانة الأمة وأعظم الغش على أهل المصر غش الامام، وعندك من حق المسلمين خمسمائة ألف درهم فابعث بها إلي حين يأتيك رسولي والا فاقبل إلي حين تنظر في كتابي فاني قد تقدمت إلى رسولي الا يدعك ساعة واحدة تقيم بعد قدومه عليك الا ان تبعث بالمال، والسلام.
مع تفاصيل أخرى ليس هنا مكان ذكرها راجع: معقل بن قيس.
وكان اخوه نعيم شيعيا ولعلي ع مناصحا، فكتب إليه