لما هو معروف عليه اليوم، مما يدل على أن التشريح كان معروفا وجاريا، كما أنها جميعا مربوطة بالظهر فهو يقول: وهذه الأمعاء كلها مربوطة بالصلب ورباطات تشدها على واجب أوضاعها 4 ب.
كما أنه يفرق بينها تشريحيا ووظيفيا فهو يقول: وخلقت العليا منها رقيقة بجوهرها لأن حاجة ما فيها إلى الإنضاج ونفوذ قوة الكبد إليه أكثر من الحاجة في الأمعاء السفلى ولأن ما يتضمنه لطيف لا يخشى فسخه لجوهر الأمعاء نفوذه فيه ومرارة به 4 ب.
18 إن الأمعاء السفلى لدى الشيخ الرئيس تبدأ من الأعور وهي تختلف تشريحا من العليا فيقول: والسفلى مبتدئة من الأعور غليظة ثخينة متشحمة الباطن فيكون مقاومته للثفل الذي إنما يصلب ويكثف أكثره هناك 4 ب.
ولكنه لا ينسى أن يذكر أن الأمعاء العليا لم ينس الخالق أهمية مقاومتها إذ يقول: ولكن لم ينحل في الخلقة من تعرية سطحها الداخل برطوبة لزجة مخاطية تقوم له مقام التشحيم 4 ب.
ولا أحد ينكر أهمية المادة المخاطية: من الناحية الدفاعية للأمعاء في عصرنا هذا.
19 إن حقيقة تصلب وتكثف الثفل في الأمعاء الغلاظ معروفة للشيخ الرئيس وهي الجانب الوظيفي، الذي نحدده اليوم للأمعاء الغليظة ولم نزد عليه سوى امتصاص بعض من كمية الماء الذي لم يتجاوزها الشيخ الرئيس أيضا.
20 إن الشيخ الرئيس يتبع الأسلوب العلمي في التشريح الوظيفي متتبعا أجزاء الجهاز الهضمي ففي الصفحة 4 ب و 5 أ، من المخطوط وبأسلوب لا يختلف عما يجري عليه اليوم ولكنه يضفي على الأمعاء وجود قوتين جاذبة ودافعة وهو ما لا يقره العلم الحديث الذي اكتفى بقوة دافعة هي الحركة المساريقية.
21 إن العلم الحديث أثبت أن للصفراء تأثيرا على الحركة الساريقية إضافة إلى وظيفتها في الهضم. وإشارة الشيخ الرئيس إلى ذلك تعد مفخرة كبيرة وهو يقول: وهي خالصة غير مشوبة فتكون قوية الغسل تهيج القوة الدافعة باللذع فيما يغسل ويعين على الدفع إلى أسفل 5 أ.
22 يعتقد الشيخ الرئيس خطا أن الديدان تفيد الإنسان عند ما تتولد في أمعائه فهو يقول: وفي تولدها أيضا منافع إذا كانت قليلة العدد 6 أ حيث نعرف أن الديدان مضرة للجسم وتسبب الأمراض له.
23 إن الوصف التشريحي الدقيق للأمعاء الغلاظ ينم عن معرفة جيدة بالتشريح فالشيخ الرئيس يقول: كما يبعد من الأعور يميل عنه ذات اليمين ميلا جيدا ليقرب من الكبد ثم يأخذ ذات اليسار منحدرا فإذا حاذى الجانب الأيسر مال إلى اليمين وإلى الخلف 6 أ، وهو ما ندرسه اليوم لطلبة الطب في قسم التشريح ونلزم الجراح بمعرفته في الامتحان للتخصص.
24 إن الشيخ الرئيس يضيف إلى وظيفة الأمعاء الغلاظ المعروفة لدينا وظيفة أخرى نعرفها اليوم وهي استقصاء بعض بقايا الغذاء فهو يقول: بعد استقصاء فضوله من الغذاء الكائن فيه 6 أ.
25 يحدد صاحبنا أن مرض القولنج يحدث عند تعرض قسم الأمعاء الغلاظ المعروف بالقولون للمرض فهو يقول: وفي هذا المعاء التعرض من علة القولنج ومنه اشتق اسمه 6 أ.
26 إن محاولة ابن سينا للوصف التشريحي الوظيفي الدقيق للشرج مفخرة أخرى في معرفة التشريح ووظائف العضلات وهو ما يحاول المعلم اليوم تدريسه لطلاب الطب في التشريح، فهو يصف الشرج تشريحيا ويصف وظائف العضلات المحيطة به والمرض الذي ينتج عن رخاوة قد تصيب هذه العضلات فهو يقول: ومنفعة هذا المعاء قذف الثفل إلى خارج، وقد خلق الخالق ومده أربع عضلات لتغمده وتمسكه واحدة مشتملة على فم المعاء المستقيم عند المقعدة. 6 أ. ثم يكمل قوله عن بقية العضلات الأخرى قائلا: وهي معينة لتلك من القبض والعصر وطرفيها بين العضلتين يتصلان بأسفل العصب وفوق هاتين العضلتين زوج يتورب باشتماله على المعاء المستقيم ومنفعته إشالة المقعدة إلى فوق وعند استرخاء هاتين يعرض للدبر أن يبرز 6 ب.
27 تبدأ الكتب الطبية اليوم عند وصف المرض بتعريفه في البداية وهذا ما يتبعه فيلسوفنا فيقول في تحديد القولنج: القولنج مرض آلي يعرض من الأمعاء الغلاظ لاحتباس غير طبيعي فيتوجع 6 ب.
ويعود ليشرح أسباب التسمية ويحدد الغرض من ذلك وهو تسهيل مهمة الطبيب الممارس في التشخيص والتفريق عن الأمراض الأخرى فهو يقول:
فالمرض جنس للقولنج والآلي فصل له عن الأمراض يسمى متشابهة الأجزاء وهي المزاجية فإنه وإن كان القولنج يعرض عن المرض المزاجي، فلا يكون المرض المزاجي في نفس القولنج بل سبب القولنج 6 ب.
28 إن الدارس للطب والمتخصص فيه لا يمر على هذه الكلمات مر الكرام فهي كبيرة المغزى والأهمية من الناحية الطبية، وخاصة إذا علمنا أن ذلك حدث قبل ألف عام وقبل أن يعرف فرويد ونظرياته، فالشيخ الرئيس سبق الجميع وأشار إلى حقيقة علمية وهي أن الأمراض المزاجية النفسية قد تسبب أمراض الجهاز الهضمي فهو يقول: وليس إذا كان المرض مزاجيا يجب أن يكون المرض مزاجيا 6 ب.
29 نحن نسمي اليوم مرض الأمعاء الدقاق وهي لفظة مقاربة للفظة الشيخ الرئيس: إيلاوس 6 ب الذي يستعيذ بالله منه أي مستعاذ بالله منه فإنها تكون في الأمعاء الدقاق وليست هي القولنج 6 ب. ونحن نعرف اليوم أن مرض الأمعاء الدقاق أخطر على الحياة من مرض الأمعاء الغلاظ وذلك لكمية السوائل التي يفقدها المريض وتسبب وفاته.
30 إنه يستمر في التفريق بين الاحتباس غير الطبيعي في القولنج وبين غيره من الأمراض التي قد تشبه القولنج فهو يقول: وقولنا لاحتباس غير طبيعي فرق بين القولنج وبين السحج والمغص والزحير وأمراض آلية في الأمعاء لا يسمى شيئا منها باسم القولنج فإذا عرض فحينئذ يسمى الاحتباس دون القولنج وتكون هي أسبابا بالذات وبالعرض للقولنج 7 أ.
31 بعد أن أنهى الشيخ الرئيس التعريف، يعود إلى تقسيم القولنج