إلى قومك. فقال الرسول: أفعل ذلك واكتب ما بدا لك، فكتب أما بعد، فقد جاءني كتابكم فقرأته وفهمته، فأخبركم أنه من لم ينفعه القليل يضره الأكثر، وإن الذي قطعني من علي وأمالني إلى معاوية ليس يخفى عليكم، وقد علمت أني لو رجعت إليكم لكان ذنبي مغفورا وثقلي محمولا، ولكني أذنبت إلى علي ذنبا وصحبت معاوية، فلو رجعت إلى علي لأبديت غير واحتملت عارا، وكنت بين لومتين أولها خيانة وآخرها غدر، ولكني قلت أقيم بالشام، فان غلب معاوية واستوى له هذا الأمر فداري العراق، وإن غلب علي فداري الروم، وفراقي عليا على بعض العذر أحب إلي من فراق معاوية ولا عذر لي، والقلب مني إليكم طائر والسلام، ثم كتب في أسفل الكتاب بهذه الأبيات:
أيا راكب الأدماء أسلم خفها * وغاربها حتى تردد ارض بابل ألكني إلى أهل العراق رسالة * وخص بها حييت بكر بن وائل وعم بها عليا ربيعة انني * تركت عليا خير حاف وناعل على عمد غير عائب ذنبه * ولا سامع فيه مقالة قائل ولا طالبا بالشام أدنى معيشة * وما الجوع من جوع العراق بقاتل فكيف بقائي بعد سبعين حجة * وماذا عسى غير الليالي القلائل أقول إذا أهدى له الله نعمة * بدا الدهر زده من مزيد الفضائل ولكنني كنت امرء من ثقاته * أقدم في الشورى وأهل الوسائل فأذنبت ذنبا لم يكن ليقيله * بعلمي وقلت الليث لا شك آجلي ولم أدر ما قدر العقوبة عنده * سوى القتل قد أيقنت ان ليس قاتلي وأفردت محزونا وخليت مفردا * وقد خمدت ناري ورثت حبائلي ولم يك إلا الشام دار وانه * لموطئها بالخيل من دون قابل فسرت إليه هاربا بحشاشة * من النفس مغموما كثير البلابل ولم يسمع السامون منى نقيصة * ولا فشلت من يمن يمنى أناملي ثم دفع الكتاب إلى الرسول وقال: عليك يا ابن أخ أن تسأل أهل الشام عن قولي في علي، فقال له الرسول: نعم إني قد سالت عن ذلك فما حكموا إلا جميلا، فقال مصقلة: فاني والله على ذلك حتى أموت.
ثم رجع الرسول بالكتاب إلى الكوفة فدفعه إلى الحضين بن المنذر فقرأه ثم أتى به عليا فاقرأه إياه، فقال علي: كفوا عن صاحبكم فإنه ليس براجع إليكم أبدا حتى يموت، فقال الحضين: يا أمير المؤمنين! والله ما به الحياء ولكن الرجوع، قد كففنا عنه وأبعده الله راجع: نعيم بن هبيرة السيد مهدي الحكيم.
مرت ترجمته في الصفحة 152 من المجلد العاشر وقد ترجم له الشيخ محمد حرز الدين صاحب كتاب معارف الرجال، وكان صديقه ورفيقه، وقال أنه حدثه عن أهل جبل عامل قائلا: وكان يحدثنا عن أنه لم يكن يعجبه أخلاق تلك النواحي ولا عاداتهم، ويقول: أن فيهم غلظة وجفافا في الأخلاق....
ويعقب الشيخ محمد على ذلك قائلا: ولا لوم عليه حيث تربى في بلد العلم والأخلاق النجف الأشرف التي هي موطن الصفات الجميلة والعادات الطيبة....
نقول: ولده السيد هاشم كان فاضلا تقيا ورعا محبوبا ظل بعد أبيه في بنت جبيل وتوفي فيها فكان منه فرع لآل الحكيم في جبل عامل، أنجب عددا من العاملين في الخير العام أبرزهم ولده السيد علي الذي هو اليوم خطيب جبل عامل والذي أصبح منبره الحسيني مدرسة سيارة يعم نفعها الجماهير والأفراد في كل مكان تصل إليه. وللسيد علي أولاد نجباء جمع بعضهم إلى الدراسات الاسلامية العريقة، الدراسات الحديثة العالية فكانوا في مقدمة المثقفين العامليين المفيدين.
السيد مهدي بحر العلوم.
مرت ترجمته في الصفحة 158 من المجلد العاشر ومما لم ينشر له هناك هذه القصيدة:
قال يرد على مروان بن أبي حفصة شاعر الرشيد حيث يقول في قصيدته اللامية التي أولها:
سلام على جمل وهيهات من جمل ويا حبذا جمل وإن صرمت حبلي ومنها:
علي أبوكم كان أفضل منكم * أباه ذوو الشورى وكانوا ذوي فضل وساء رسول الله إذ ساء بنته * بخطبته بنت اللعين أبي جهل فذم رسول الله صهر أبيكم * على منبر بالمنطق الصادع الفصل وحكم فيها حاكمين أبوكم * هما خلعاه خلع ذي النعل للنعل وقد باعها من بعده الحسن ابنه * فقد أبطلا دعواكم الرثة الحبل وضيعتموها وهي في غير أهلها * وطالبتموها حين صارت إلى الأهل فقال السيد مهدي يرد عليه:
الا عد عن ذكرى بثينة أو جمل * فما ذكرها عندي يمر ولا يحلي ولا أطربتني البيض غير صحائف * محبرة بالفضل ما برحت شغلي وعوج يقيم الاعوجاج انسلالها * إذا حان منها الحين حنت إلى السل وعد للأولى هم أصل كل فضيلة * ويمم منار الفضل من ربعه الأصلي وعرج على الأطهار من آل هاشم * فهم شرفي والفخر فيهم وهم أصلي وسلم على خير الأنام محمد * وعترته الغر الكرام أولي الفضل وخص عليا ذا المناقب والعلى * وصي النبي المرتضى خيرة الأهل وبث لهم بثي فاني فيهم * أكابر أقواما مراجلهم تغلي وقل للذي خاض الضلالة والعمى * ومن خبط العشواء في ظلمة الجهل ومن باع بالأثمان جوهرة الهدى * كما باع بالخسران جوهرة العقل هجوت أناسا في الكتاب مديحهم * وفي العقل بان الفضل منهم وفي النقل ولفقت ذورا كادت السبع تنطوي * له والجبال الشم تهوي إلى السفل علوا حسبا من أن يصابوا بوصمة * فيدفع عن أحسابهم أنا أو مثلي ولكن أبت صبرا نفوس أبية * وأنف حمي لا يقر على الذل فاصغ إلى قولي وهل أنا مسمع * غداة أنادي الهائمين مع الوعل علي أبونا كان كالطهر جدنا * له ما له إلا النبوة من فضل وذو الفضل محسود لذي الجهل والعمى * لذا حسد الهادي النبي أبو جهل وعادى عليا كل أرذل أسفل * وضولع مدخول الهوى ذاهب العقل لئن كانت الشورى ابته وقبلها * سقيفتهم أصل المفاسد والختل فقد أنكرت خير البرية ندوة * وضلت رجال الرحلتين عن السبل وحاربه أهل الكتاب ببغيهم * وكانوا يستفتحون لدى الوهل