عمر الصوفي الرازي المتوفي سنة 376 ه. (1) وكان الحسين المذكور يكنى بأبي علي (2) كما يظهر ذلك من مقدمة نظمه كتاب أبيه المسمى صور الكواكب على طريقة الأرجوزة التي يبتدئ بها بقوله:
هذا مثال لأبي علي * نجل أبي حسين الصوفي في صنعة النجوم والأفلاك * أنشأه لملك الأملاك وملك الأملاك الوارد هنا في الشعر هو الملك السعيد عضد الدولة الديلمي الذي كان يلقب حينئذ بهذا اللقب الذي يحتمل أنه معرب من الكلمة الفارسية شاهنشاه أي ملك الملوك.
هذا وصف موجز لكاتب هذه النسخة. وأما النسخة نفسها فإنها تحتوي على 51 ورقة سميكة تميل بلونها إلى الصفرة بقطع 20 سنتيمترا طولا و 15 سنتيمترا عرضا. والنسخة كاملة ما عدا الصفحة الأولى منها، التي يظهر أنها كانت مفقودة، فكتبها الشيخ لطف علي بن محمد كاظم التبريزي (3) عام 1308 بطهران مالك هذه النسخة قبل أن تصل إلى مكتبة الحاج ملك التجار.
أما خط هذه النسخة فقد كتب بحبرين أحمر وأسود، إذ الكلمة الأصلية أي تعريب كلمة بطليموس كتبت بالأحمر تحت عنوان كلمة والشرح كتب بالحبر الأسود تحت عنوان التفسير. ولم تعد الكلمات المذكورة بأعداد الحروف الهندية كالعادة الجارية الآن، وإنما عدت بواسطة حروف أبجد.
والظاهر على الخط بأنه أقرب خط للكوفي. إذ أن فيه كثيرا من قواعد الخط الكوفي كالكاف الكوفية الطويلة في حالة الانفراد، وكذا الطاء، ولا، وعدم التنقيط وارتفاع رأس الجيم وأخواتها وغير ذلك من مميزات ومختصات الخط الكوفي وقواعده.
هذا ومن المتيقن أن كاتب هذه النسخة أبو علي الحسين جد كثيرا في تحسين كتابتها. إذ يظهر أنه قد بذل غاية جهده في عدم استعمال القواعد الكوفية مهما أمكنه. فاخرج كتابة الكتاب بالشكل الذي نراه الآن.
ومما يؤيد كون خط هذه النسخة أقرب خط إلى الكوفي، هو اختراع الخط المتداول الآن من قبل الوزير أبي علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة المتوفى عام 328 ه. وقد اخترع هذا الخط حوالي السنوات 315 320 وكان قد نقله من الخطين الكوفي والنسخ اللذين كانا متداولين في صدر الاسلام بعد أن أدخل عليهما تحسين كبير. فتكون هذه النسخة قد كتبت بالخط العربي المتعارف الآن بعد اختراعه بمدة خمسين سنة تقريبا.
هذا وقبل أن نختم كلمتنا في وصف هذا الكتاب ننقل فيما يلي تفسير الكلمة الأخيرة من كلمات بطليموس وهي كلمة قب.
قال المفسر أحمد بن يوسف المصري ما عبارته: قد بنى أرسطو طاليس في كتاب الآثار العلوية أن الأبخرة الجافة إذا بلغت الأثير صارت شهبا وهي النيازك، فليس بمنكر أن يدل ظهورها على الجفاف في البحار، ولأنه ذكر في كتاب الآثار العلوية أيضا أن جوهر المريخ صار يابسا دلت كذا في الجهة الواحدة على ريح منها وفي تشييعها كذا في كل الجهات على نقصان المياه، لأن اليبس إذا زاد في الهواء نقصت المياه. وإني لأذكر في ليلة من سنة تسعين ومائتين أن الشهب انتثرت وعمت الجو بأسره، فارتاع الناس لها ولم تزل أكثر من أربع ساعات فلم يمض لذلك من السنة يسير حتى ظمئ الناس، وبلغ نيل مصر ثلاث عشرة ذراعا، ونقص عن حاجة البلد أربع كذا أذرع، وترعت كذا الأسعار، واضطرب الناس اضطرابا شديدا، وزالت به دولة آل طولون. وأثرت سنة ثلاثمائة (4) من كل جهة من جهات الجو، فنقص النيل وانفتح على مصر باب المغاربة لحماسه كذا وعبد الرحمن بعده، فعظمت به نكاية من معهما. فاما ذوات الذوائب فإنه طلع منها ذو الجمة في وتد من أوتاد انتهاء القران الذي بدأت فيه دولة بني العباس لها الله كذا فمات أبو أحمد الناصر رحمه الله. وطلع ذو الذوابة في سنة اثنين وتسعين ومائتين وأقام إحدى عشرة ليلة، يسير في كل ليلة مسيرا محسوسا، فدخل ابن الجلنحي بعده بمديدة يسيرة، وتسلط على مصر ونواحيها، وحدث بمصر جميع ما ذكره بطليموس.
فهذا ما حضرني من تفسير كلمات هذا الكتاب، وأرجو أن يكون مطيفا كذا بمعانيه مستوفيا لشرحه، والصواب أن تضعه في مستحقه وتمنعه ممن لا يؤثر منه إلا التكثير بملكه، وترى أن حصوله في خزانته معادل لثباته في خلده، فيستقل الارتياض به، ويعتمد في إحرازه لمكانه من الناس على المهاترة، ولطيف التلبيس، فان احتيازه محرم على أمثاله ومؤثم لموصله إليه، وأنا اسال الله هدايتك وكفايتك وهو حسبي ونعم الوكيل اه.
وقد نقلت فيما مضى عين عبارة كاتب هذه النسخة الحسين بن عبد الرحمن فلا حاجة لتكرارها هنا.
أحمد بن هبة الله بن الصاحب.
هو أبو منصور أحمد بن علي بن هبة الله بن الصاحب الملقب بالربيب، أخو