مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٧١
بلاط ملكها محمود فحماه وألحقه بخدمته، وظل طامحا إلى ما هو أبعد من ذلك، مترقبا الفرص المؤاتية، فاستأذن محمودا بالسفر إلى الحج، ولما أذن له قصد إلى راجبوتانه عابرا صحراء السند وصولا إلى همايون فلقيه سنة 950 1543 م في بلدة جون التي كانت في ذلك الوقت عبارة عن أطلال. وكان همايون الإمبراطور المشرد حينذاك يكافح مستيئسا لاسترداد ملكه.
وقد رافقه بيرم في ذهابه إلى قندهار السنة 950 1543 م مستنجدا بأخيه ميرزا عسكري.
ولكنه لم يجد منجدا، بل اضطر للنجاة بنفسه مع رفيقه بيرم ملتجئين إلى الشاه طهماسب ملك إيران الذي استنصره همايون فنصره، ولما طلب الشاه طهماسب إلى بيرم أن ينضم إليه ويعمل معه، اعتذر بأدب عن تلبية طلب الشاه وآثر ملازمة همايون مواسيا له بنفسه مرافقا له في الكفاح المرير لاسترداد العرش المفقود، وقد قاد بيرم بعد ذلك جيش همايون في معارك ناجحة السنة 961 1554 م، ثم توج ذلك بانتصاره الحاسم على سكندر سور السنة 963 1555 م في ماتشهيوار، وقد أبدى في انتصاره هذا من النبل والشهامة ما لم يكن مألوفا في أخلاق المنتصرين في تلك العهود في معاملة المقهورين.
وكانت نتيجة هذه المعركة ضمان مستقبل همايون في التربع على عرش الهند، وكان الفضل في ذلك لبيرم خان.
وفي السنة 962 1555 م عهد إلى بيرم تقديرا لجهوده بان يكون أتالق لمحمد أكبر الذي كان لا يزال يومذاك في الثالثة عشرة من عمره، وصار يلقب بلقب خان بابا أي والد الخان، وأصبح بمكان الأب لمحمد أكبر. ثم رافقه بعد ذلك إلى البنجاب التي عين أكبر واليا عليها.
ولما فوجئ الناس بوفاة همايون كان بيرم يطارد فلول جيش سكندر سور في كلانور فبادر في الحال للسيطرة على الوضع وأعلن حلول أكبر محل أبيه.
ولم يلبث هيمو قائد جيش سور أن هاجم دهلي ففر منها الوالي المغولي تردي بك بدون مقاومة، فامر بيرم باعدامه ليكون عبرة للآخرين، ويبدو أن بيرم لم ينس له أنه عند ما لجا همايون إلى قندهار العام 950 كما مر وطلب من تردي بك أن يعيره جواده لتمتطيه زوجته حميدة بانو بيگم أم الطفل أكبر عند اضطراره مع بيرم للنزوح عن المدينة التي خابا فيها لم ينس بيرم أن تردي بك رفض أن يعيره الجواد وعامله بغلظة، فجاءت الفرصة المناسبة الآن ليعاقبه بيرم على تخليه عن الدفاع عن المدينة فارا منها بدون مقاومة، متذكرا غلظته في رفضه إعارة الجواد ومعاملة همايون وبيرم معاملة مهينة أيام المحنة...
وفي العام 964 1556 م التقى بيرم وهو قائد قوات الأمبراطورية المغولية بقوات هيمو في موقعة بانيبست، فانتصر بيرم انتصارا كاسحا، وأسر هيمو بعد ما جرح، فامر بيرم بقتله بموافقة ضمنية من همايون، وقد ليم بيرم على قتله أسيرا جريحا، ولكن الظرف كان فيما يرى المدافعون عنه يسمح بمثل هذه المعاملة لثائر متمرد على الدولة يريد أن ينتزع تاج ملكها لنفسه.
وبهذا النصر الذي شتت الجيش الأفغاني وضع بيرم حدا لعدم الاستقرار، وتم أمر الهند لمحمد أكبر امبراطورا غير منازع، يحكم وصيه بيرم الهند باسمه. وبذلك بلغ بيرم أوج سلطانه. ثم ازداد تألقه بزواجه سنة 965 1557 م من سليمة سلطان بيگم، وهي ابنة عم أكبر وابنة كل رخ شقيقة همايون، حيث صار جزءا من الأسرة المالكة.
على أن إنصاف بيرم للشيعة، ورفعه الاضطهاد عنهم، ومراعاة كفاءة أصحاب الكفاءات منهم، لا سيما في مناصب الدولة، ومن ذلك تعيينه الشيخ كدائي كمبوه الدهلوي صدرا للصدور السنة 966 1558 1559، قد أثار عليه نقمة المتعصبين.
على أن أكبر نفسه كان يضايقه تدخل بيرم في متعه الصبيانة كما يعبر عنها أحد المؤرخين ثم بعد ذلك عدم إغداق المال عليه وعلى الأسرة المالكة، فتزعمت ما هم أتكه مرضعة أكبر جماعة من رجال القصر للدس على بيرم وإفساد ما بينه وبين أكبر وتفاقمت الأمور على بيرم وشعر أن الأحوال تسير في غير ما يهواه، وبعد أن سلم بالأمر الواقع وتخلى عن الكثير من سلطاته عاد معلنا التمرد، ولكنه لم ينجح في تمرده، فتغاضى أكبر عن تمرده ولم يؤاخذه عليه، ذاكرا له حسن بلائه مع أبيه في قيام الأمبراطورية المغولية.
وعزم بيرم على الحج إلى بيت الله الحرام، وبوصوله إلى بتن في الرابع عشر من جمادى الأولى السنة 968 1561 م اغتاله هناك رجل أفغاني كان أبوه قد قتل في معركة ماتشهيواره ونهب مخيم بيرم وتشردت أسرته، وفيها ولده الطفل عبد الرحيم، ولجأت معدمة إلى أحمدآباد، ونقل جثمانه إلى دهلي حيث دفن مؤقتا، وفي السنة 179 1563 1564 نقل إلى جوار الإمام الرضا ع في مشهد، وقبره ذو القبة العالية معروف هناك.
وإذا كانت هذه حياة بيرم السياسية، فان له حياة أخرى مقرونة بالعلم والشعر، فقد كان عالما في العلماء، شاعرا في الشعراء، ينظم بالفارسية والتركية. وقد لقي العلماء والأدباء والفنانون والصناع منه كل الرعاية والعطف. ولم يستطع متعصب شديد التعصب مثل البداءوني أن يتجاهل مزايا بيرم فاضطر للثناء عليه، وهو الذي لم يسلم من ثلبه أحد.
وفي السنة 1910 برز بيرم الشاعر بنشر ديوانه في كلكته.
وقد أدرك أكبر المدين هو وأبوه من قبله بعرشيهما لبيرم مقدار الجحود فيما فعله ببيرم، فاحتضن ولده اليتيم ميرزا عبد الرحيم خان، الذي أصبح بعد ذلك يحمل لقب أبيه خان خانان راجع: بابر.
جارية بن قدامة السعدي.
مرت ترجمته في الصفحة 58 من المجلد الرابع. ولما كان هو القامع لحركة ابن الحضرمي في البصرة رأينا أن ننشر هنا تفاصيل تلك الحركة ودور جارية في قمعها، وإننا نعتمد في ذلك على كتاب الغارات لابن هلال الثقفي:
لما أصاب معاوية بن أبي سفيان محمد بن أبي بكر بمصر وظهر عليها دعا عبد الله بن عامر الحضرمي فقال له: سر إلى البصرة فان جل أهلها يرون رأينا في عثمان ويعظمون قتله وقد قتلوا في الطلب بدمه وهم موتورون حنقون لما أصابهم، ودوا لو يجدون من يدعوهم ويجمعهم وينهض بهم في الطلب بدم
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370