وادعى الشيخ المذكور أنه غير جزء وأن الاستمرار كاف وادعى عليه الاجماع وخالفه الأستاذ وقال: بل يجب عليه الرفع ثم الوضع.
ووقعت بينهما مشاجرة عظيمة فانتهى أمرهما إلى أن قال: شيخنا لكم دينكم ولي دين...
يريد أن هذا اعتقادك لأنك مجتهد لا يجوز لك تقليدي وهذا اعتقادي لأني مجتهد أيضا لا يجوز لي تقليدك، فقال الشيخ بكلام فيه نفرة وهنا كلام جهل لأنه التفت إلى أصل ورود الآية فإنها خطاب النبي ص للمشركين فقال شيخنا إنما هو بالحجج لا بالتشنيع ولم يمكنه أن يرد عليه أكثر من ذلك لأن الشيخ كان مشارا إليه وشيخنا بعد لم يشتهر وافترقا وانقضى المجلس وكل منهما مملوء غيظا على الآخر فبقى لمدة قليلة تقرب من أربعين يوما وصنف شيخنا رسالة في الرد عليه وعرض للشيخ محمد مرض عظيم وعاده شيخنا في مرضه وتوفي في ذلك المرض رحمه الله وسنه يقارب من سبعين سنة في حدود السنة الخامسة والمائة والألف وهو عام جلوس الملك الأعظم سلطان عصرنا اليوم السلطان حسين بن الشاه سليمان وقبره في مقبرة المشهد وبني على قبره قبة فانتهت رئاسة البلد بعده إلى السيد هاشم التوبلي... انتهى.
أقول: قد كانت هذه الرسالة التي صنفها شيخنا الأستاذ الشيخ سليمان في هذه المسألة عندي ثم ذهبت فيما وقع على كتبي من حوادث الأيام والتي لا تنيم ولا تنام، ولما مات الشيخ محمد المذكور رثاه الشيخ سليمان المذكور بقصيدة جيدة أطراه فيها ومدحه.
الشيخ محمد بن أبي جمهور الأحسائي (1):
هو الشيخ أبو جعفر محمد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن الشيخ حسام الدين إبراهيم بن حسن بن إبراهيم (2) بن أبي جمهور الشيباني الأحسائي، من مشاهير علماء الإمامية، فقيه مجتهد وراوية شهير وفيلسوف كبير وأديب شاعر.
والده وجده أما والده الشيخ علي المتوفي قبل عام 895 ه فقد كان من كبار العلماء، وهو أستاذ ابنه وشيخه في الرواية، ويروي عن قاضي قضاة الاسلام ناصر الدين الشيخ إبراهيم بن نزار الأحسائي عن الشيخ حسن المطوع الأحسائي عن ابن فهد الأحسائي عن ابن المتوج البحراني كما هو مذكور في أول عوالي الآلي.
وجده الشيخ إبراهيم ابن أبي جمهور أيضا كان من كبار علمائنا، وقد ذكرهما العلماء في كتب التراجم وأثنوا عليهما ثناء جميلا.
قال الشيخ عبد الله الأفندي في رياض العلماء: الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن الشيخ حسام الدين إبراهيم بن... أبي جمهور الأحساوي، الفاضل العالم الجليل والد الشيخ محمد... المعروف بابن أبي جمهور الأحساوي، وكان قده يعني علي ابن أبي جمهور ووالده الشيخ حسام الدين إبراهيم المذكور وولده الشيخ محمد المذكور من مشاهير علماء الإمامية ... (3).
وقال الشيخ عباس القمي في الفوائد الرضوية: علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي... فاضل أديب عالم زاهد عابد... (4).
وقال الشيخ علي البحراني في أنوار البدرين بعد أن ترجم المصنف: وكان والده الشيخ علي وجده الشيخ إبراهيم من العلماء الفضلاء... (5).
وقال الشيخ محمد بن أبي جمهور صاحب الترجمة في الثناء على والده وجده: الشيخ الزاهد العابد الكامل زين الملة والدين أبو الحسن علي بن الشيخ المولى الفاضل المتقي من بين أنسابه وأضرابه حسام الدين إبراهيم بن... أبي جمهور الأحساوي... (6).
وقال أيضا: حدثني أبي وأستاذي الشيخ العالم الزاهد الورع زين الدين أبو الحسن علي بن الشيخ العلامة المحقق حسام الدين إبراهيم بن أبي جمهور الأحساوي.
مولده ونشأته ولد المترجم في الأحساء حدود سنة 840 ه، يظهر ذاك من مناظرته مع العالم الهروي التي جرت في مشهد خراسان سنة 878 ه حيث قال في آخر المجلس الثاني من المناظرة: فان عمري اليوم يقارب الأربعين سنة... (7).
وفي بلده الأحساء نشأ وترعرع، وكان محل سكناه فيها قرية التيمية (8) ومسجده فيها كان قائما إلى عهد قريب.