المصادر الأخرى، ويكنيه أبا القاسم، ويتضح أنه أوسط أبناء القاضي، وأن التهامي مدحه بعد وفاة أبيه، أي بعد سنة 402 ه. 1011 م. فيقول من قصيدة صفحة 19:
فتى يفعل المكرمات الجسام * ويسترهن كستر الريب توسط مجد بني المغربي * كما وسط القلب بين الحجب هم أورثوا الفضل أبناءهم * وغابوا وفضلهم لم يغب...
أبا قاسم حزت صفو الكلام * وغادرت ما بعده للعرب فليس كلامك إلا النجوم * علوت فناثرتها من كثب كما يؤكد التهامي معرفتنا بابن آخر لقاضي طرابلس، هو أبو محمد الحسين بن علي بن حيدرة، ونحن لا نعرف عنه شيئا من المصادر الأخرى، حتى أن ابن عساكر الذي يترجم لجميع الشاميين في عصره وما قبله لم يورد عنه شيئا، بل ذكره في معرض ترجمة أبيه فحسب، دون ترجمة، ونتبين من قصيدة التهامي بحقه أنه كان رئيسا لطرابلس، فلعله خلف أباه في منصبه، حيث يقول:
يا صاح إن الدهر قدم بالغنى * وعدا فما أدناك من ميعاده هذي طرابلس وما دون الغنى * إلا نداؤك بالحسين فناده شفع ابن حيدرة على ثانيه في * هذا الزمان وكان من أفراده بأبي محمد الذي تأوي العلى * ما بين قائم سيفه ونجاده...
متجللا ثوب الرئاسة معلما * ببهائه ووفائه وسداده حاز العلاء بجده وبجده * فاختال بين طريفه وتلاده لم يجعل الآباء متكلا ولا * آباؤه اتكلوا على أجداده ومنها:
كم جحفل غادرت فيه وديعة * قصبا من الخطي في أجساده أما الامام (1) فشاكر لك أنعما * عمت جميع عباده وبلاده كم طرزت أرض العدو دما إذا * طرزت طرسك نحوهم بمداده خففت بالأقلام عن أرماحه * وبمحكم الآراء عن أجناده لما علوت الناس جدت عليهم * والطود يقذف ماءه لوهاده حياك من ذي سؤدد ورعاك من * أحياك واسترعاك أمر عباده وأخيرا، يؤكد التهامي معرفتنا بأبي القاسم هبة الله بن علي بن حيدرة، وهو أيضا من أبناء قاضي طرابلس، ولم يرد ذكره في المصادر التاريخية، بل ورد فقط في ديوان عبد المحسن الصوري، وفي ديوان التهامي. وقد أنشد فيه الصوري قصيدة واحدة، ولم نعرف منه المنصب الذي كان يشغله هبة الله أما التهامي فينشد فيه ثلاث قصائد، نفهم من بعض أبياتها أنه كان يتولى الحكم والقضاء في عهد الحاكم بأمر الله مثل أبيه وأخيه، فيقول من قصيدة صفحة 175:
ما بال طرفك لا تنجو رميته * كأنما هو رام من بني ثعل صدت بنجد وزارت في طرابلس * وبيننا عنق للسفن والإبل تنقاد نحو هواهن القلوب كما إذ * قادت إلى هبة الله العلي بن علي يزين الدولة الغراء موضعه * إذا تزينت الأملاك بالدول يقضي بحكم الهدى في المشكلات كما * يقضي بحكم الظبى في ساعة الوهل قد حالف الفضل في أحكامه أبدا * والعدل خير اقتناء الفارس البطل قد أحكم الحاكم المنصور دولته * بال حيدرة في السهل والجبل تاهت بهم دولة الاسلام واعتدلت * بعزمهم كاعتدال الشمس في الحمل شادوا وسادوا بما يبنون من كرم * أساس مجدهم المستحكم الأزلي تشابهوا في اختلاف من زمانهم * عند اللهى والنهى والقول والعمل ويفهم من بقية أبيات القصيدة أن التهامي أنشدها قبل مقتل القاضي ابن حيدرة، حيث يقول في ابنه هبة الله:
تبعت في الجود والعليا أباك ولم * تكذب كما تبع الوسمي صوب ولي حليتما الدين والدنيا بعزكما * فلا أذلهما الرحمن بالعطل ولا رأينا بعيني دهرنا رمدا * فأنتما في مآقيه من الكحل وعشتما أبدا في ظل مملكة * قد استعاذت من التغيير والدول ويختصر التهامي الأنعام التي أنعم بها عليه هبة الله بهذا البيت من قصيدة صفحة 160:
منه مالي ورحلتي وعدادي * وجوادي وحلتي وسلاحي 141: السيد علوي بن إسماعيل البحراني.
قال في تاريخ البحرين المخطوط:
قال السيد الصدر في سلافة العصر ما لفظه : فاضل في النسب والأدب معرق وكامل، تهدل فرع مجده وأعرق، وهو اليوم شاعر هجر ومنطيقها الذي واصله المنطق الفضل وما هجر يفسح للبيان مجالا ويوضح منه غرارا واحجالا، ويطلع في آفاقه بدورا وشموسا، ويروض من صعابه جموحا وشموسا، ويشتار من جناه عسلا، ويهز من قناه أسلا ثم ذكر ما سنح له من القصائد وما خرج عنه من الفوائد.
كمال الدين عمر بن العديم.
مرت ترجمته في الصفحة 377 من المجلد الثامن وننشر هنا كلمة عن كتاب له خطي، مكتوبة بقلم درية الخطيب:
كتاب الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب لكمال الدين عمر بن العديم واحد من أهم الكتب المؤلفة في الفن المطبخي في العصر الوسيط، إنه كتاب في الأطعمة والأغذية وطريقة صناعتها، وفي الطب والعطور والمياه والصابون، وبعض الاستعمالات الطبية للأطعمة وغيرها، وكيفية تركيب بعض الأدوية منها.
وتأتي أهمية الكتاب:
أولا: من غزارة مادته وتنوعها، وشموله على أكبر قدر من الوصفات (2).
ثانيا: ذكر المؤلف بعض الفوائد الصحية والاستطبابات الدوائية لبعض