ونرجح أن كتاب نزهة الملوك، الذي نشره محققه بعنوان كتاب الصيد والطرد عند العرب، ما هو إلا تلخيص ذكي، واختصار مفيد، وتفريغ مقصود من الشعر لكتاب المصايد والمطارد، وكتاب البزيرة المعروف بكتاب النزه!
الكتب المفقودة أو المخطوطة أما المؤلفات الأخرى فلا نعرف عنها كثيرا، ولا نعرف هل هي مخطوطات، أو مفقودات، منها كتاب خصائص الطرب، وكتاب الرسائل، وكتاب الطرديات في القصائد والأشعار، وكتاب كنز الكتاب، وكتاب الطبيخ.
السيد مرتضى العلوي البحراني.
قال في تاريخ البحرين المخطوط:
كان شاعرا بليغا فصيحا وكان أورع فضلاء زمانه وله كتاب القصائد والمراثي مات سنة 1111 ومن جملة قصائده الفاخرة في رثاء أهل البيت منها:
إذا لم يكن بد من الحزن والبكا * فلا تجزعن الا لآل محمد أصابتهم أيدي المصائب فاغتدوا * بأسوأ حال في الزمان وانكد رمتهم بنبل الحقد آل أمية * فمن بين مسموم وبين مشرد إلى أن قال:
بكم آل طه همتي ومدائحي * وحزني وتذكاري وحسن توددي أنا العلوي المرتضى عبد عبدكم * وأنتم حماتي في حياتي وفي غد الشيخ مغامس الحجري البحراني.
قال في تاريخ البحرين المخطوط:
هو أحد الأدباء، وواحد النجباء جمع مع الأدب علوما كثيرة وله ديوان معروف في الرثاء مشتمل على أشعاره البديعة وعباراته المنيعة ومن قصائده:
تذكر ما أحصى الكتاب فتابا * وحاذره من مس العذاب فدابا بكى ذنبه واستغفر الله ربه * ونادى منادى رشده فأجابا تذكر أوزارا جناها بجهله * وأشفق من أوزاره فأنابا رأى السعي في الدنيا خلا سعي بلغه * ضلالا وللأخرى نراه صوابا فلام على التفريط في السعي نفسه * فقال لها عدلا لها وعتابا إذا كانت الدنيا غرورا لطالب * فكيف تخيرت الغرور طلابا إلا فاستقيلي وارجعي مطمئنة * إذا شئت فوزا أو خشيت عقابا إلى أن قال:
ولو دام عيش في الزمان لأهله * لدام لأولاد النبي وطابا أما سمعت أذناك ما قد جرى لهم * غداة أناخوا في الطفوف ركابا لقد ضربوا في جانب الكرب والبلا * وقد ضربوا في كربلاء قبابا إلى أن قال:
وحاشا وكلا أن يخيب مغامس * وقد شب في مدح الهداة وشابا الدكتور مصطفى جواد.
مرت كلمة عنه في الجزء الأول من المستدركات ونضيف إليها هنا ترجمة مأخوذة مما كتبه هو بنفسه:
ولد في العقد الأول من القرن العشرين في محلة القشلة من الرصافة في بغداد من والد خياط كان دكانه في سوق الخياطين قرب خان مرجا الذي أصبح الآن متحف الآثار العربية في شارع السموءل من محلة باب الآغا، ولفقد والده بصره غادر بغداد محل عمله ومقر سكنه إلى دلتاوة التي تعرف الآن بالخالص حيث اشترى بساتين يعيش من غلتها.
ولما بلغ سن الدرس سلمه والده إلى معلمة أطفال لقنته بعض القرآن الكريم، ثم نقله والده إلى مدرسة دلتاوة الابتدائية، ومن معلميه فيها عبد المجيد الأعظمي الذي تدرب عليه في خط الرقعة، وفي هذه المدرسة نجح إلى الصف الثالث، وفي شتاء السنة الدراسية في هذا الصف، أي في سنة 1917، احتل الجيش الانكليزي دلتاوة معقبا الجيش العثماني المنسحب نحو الشمال، وكان والده قد توفي قبل ذلك بقليل فلم يتسن له الاستمرار على الدراسة وانصرف إلى العناية بالبساتين التي خلفها والده له ولأخيه الأكبر ولأخواته الست من زوجي أبيه: أمه وضرتها، ثم حدث نزاع بين والدته وأخيه من أجل الوصية عليه والاشراف على أموره، لأنه كان حينئذ قاصرا، فنقله أخوه إلى بغداد وأدخله المدرسة الجعفرية الأهلية، ولتلكؤ أخيه عن تسديد أجرة المدرسة ضنا بالنفقة عليه انتقل إلى مدرسة باب الشيخ الابتدائية، ثم ترك هذه المدرسة والتحق بوالدته بعد أن حصلت على حكم الوصاية عليه، وقد قاسى من الفقر والحرمان والضنك وشظف العيش ما يحزن ويؤلم.
وفي سنة 1920 ضاقت عليه سبل العيش في بغداد واشتدت فاقته، فرأى أن يغادرها إلى دلتاوة لينتفع من سهامه في البساتين الموروثة وكان الغالب على غلاتها التمر أغزر الفواكه في العراق وأرخصها، وكانت الثورة العراقية قد شب أوارها واندلعت نيرانها في بعض أنحاء العراق ولا سيما الفرات الأوسط ولواء ديالى، واستولى الثوار على بعقوبة ونواحيها ومنها دلتاوة، وكانت الطريق بين بغداد وبعقوبة فدلتاوة تحت سيطرة الإنكليز ورقابتهم وقد اتخذوا من الآثوريين والأرمن اللاجئين حراسا لحفظ الطريق وقطعها على الثوار وقتالهم، فلم يجد غير طريق الجديدة الشرقية، فسلكها سائرا على قدميه مع قافلة من المسافرين فبلغ قرية كشكين المجاورة لدلتاوة مساء وأدركه الليل فيها وحار في أمره لأن القافلة سلكت طريقا أخرى، فأضافه رجل من أنسبائه، وخرج من عنده صباحا وسار قاصدا دلتاوة التي عند ما وصل إليها وجد الثوار قد بنوا على الطريق المؤدية إلى بعقوبة باب دفاع حصينا، وبقي في دلتاوة يعني بالبساتين، وكان الحكم فيها للثوار وهم في فوضى من أمرهم وقلق من مصيرهم. وكان الإنكليز قد استرجعوا بعقوبة من أيدي الثوار ولبثوا ينتظرون الفرصة لمهاجمة دلتاوة، وأخذوا يرسلون عليها وعلى الثوار الطيارات ثلاث مرات في اليوم الواحد تلقى عليهم القنابل إزعاجا وإرهابا وتمهيدا للهجوم عليها، وفي يوم عاشوراء العاشر من شهر محرم سنة 1339 الهجرية الموافق ليوم 25 9 1920، وكان معظم أهل دلتاوة مشغولين بالعزاء الحسيني أرسل الإنكليز ثلاث طيارات ألقت عليهم القنابل، وقد حسب الثوار أنه قصف بغير هجوم كما وقع قبلا، ثم أرسل الإنكليز إلى الثوار من خدعهم بالزعم أنهم أسقطوا طيارة في مقاومتهم إياها عند