50 إنه يربط بين أعراض المرض وأسبابه والاستفادة من تاريخ المرض بالتوصل إلى نوع العلة فيقول: فاما الكائن من الديدان فيعرف من بروز الديدان وسقوط حب القرع والعلاقة التي يكون مع ذلك من تغيير اللون ونهوك البدن وتحلب الريق وغير ذلك، فإذا كانت هذه العلامات موجودة ثم احتبست الديدان فلم تسقط البتة، عرف أن القولنج منها 13 أ. فما ذا نزيد نحن اليوم عند ما نريد أن نعرف أن الديدان هي سبب الانسداد سوى اتباع هذا الأسلوب في التحري والفحص.
51 أما العلامات التي يعطيها للنزف وفقدان الدم فهي نفسها اليوم والتي تؤكد على طالب الطب التفتيش عنها، بقوله: وأما الكائن بسبب دم منصب جمد في المعاء فعلامته أن يكون وجع ثقيل مع خروج الدم فيما سلف ومع ضعف قوته وغشي وعرق بارد 13 أ.
52 يفرق صاحبنا بين الأنواع المختلفة للقولنج في الوصف الدقيق، فقوله: وعلامة ما يكون من الورم، أما الحار فان يكون هنالك حمى ووجع مع ثقل وهذيان وتلهب وتمدد وعطش وتهيج العينين وحمرة اللون واشتداد الوجع عند استفراغ الغائط وقد يحتبس معه البول أو يعسر 13 ب.
ويفرقه عن البارد بقوله: وأما البارد والرطب فعلامته تقدم براز رقيق إلى البياض ما هو وبرد يحس في المعاء وسقوط شهوة رصاصية اللون وثقل في المعاء مع ترهل في المراق وعنان من غير وجود الصلابة اللينة في اللمس 13 ب. فما ذا يريد الطبيب الذي يدرس هذا الكتاب أكثر عند ما يريد التفريق بين الأنواع، وهذا ما هو متبع اليوم في التدريس الطبي.
53 إنه يركز على كل صفة خاصة بنوع القولنج فهو يقول: وأقربها أصنافا من الخطر هو الورمي، وأشدها وجعا هو الريحي. 13 ب.
وهذا ما نشاهده اليوم في الممارسة العملية اليومية.
54 يستعمل الفيلسوف ابن سينا التشخيص التفريقي بصورة لا تختلف عما يجري اليوم في الحياة الطبية ويسهل للطبيب الممارس ذلك ويعطي نقاط التشابه والاختلاف، ويخصص فصلا كاملا لذلك فهو يقول: الفصل السابع بين القولنج وأمراض تشابهه، أمراض تشبه القولنج وليست به، وأمراض يشبهها القولنج، فيظن أنها هي فمن ذلك وجع الكلية والمغص وهما أشد الأشياء شبها، ثم السحج ووجع المعدة إذا انحدر إلى الأمعاء، ووجع المثانة ووجع الرحم ووجع الديدان والحياة.
13 ب ثم يفرق بين كل واحدة منها وبين القولنج ويفصل ذلك تسهيلا للعمل الطبي فهو يقول: والفرق بين القولنج وبين الحصاة في الكلية ويعرف من هذه الأشياء أن البول في حصاة الكلية يكون في ابتداء الأمر صافيا رقيقا ثم يجري معه في آخر الأمر رمل وورم، وفي القولنج يكون كدرا في الابتداء 14 أ.
ويفرقهما بالعلاج أيضا فهو يشير إلى ذلك بقوله: والحقنة تفيد الراحة بما يستفرغ من الرطوبات ولا يظهر ذلك في الحصاة بل ربما ظهر ضرر بل إنما ينفع بالأشياء المفتتة للحصاة. 14 أفهو يبين أن الحصاة يمكن أن تفتت وأن الطبيب يجب أن يأخذ حذره من الحقنة في المغص الكلوي الذي قد تضره الحقنة. وهو يعود ليشير إلى أن حصاة الكلية قد تؤثر على الأمعاء وتسبب الاسهال فهو يقول: وربما انحلت الطبيعة في حصاة الكلية بذاتها إذ لا يكون الاحتباس هنالك كما في القولنج. 14 أ.
وينبه الطبيب إلى أعراض أخرى في حصاة الكلية قائلا: ويكون في الفخذ والخصيتين اللتين تليان الكلية العلية خدر في أكثر الأمر 14 أ. وهو ما نسميه اليوم الألم الرجيع ونؤكده في الفحص الطبي.
55 ويؤكد للطبيب أهمية التشخيص التفريقي لأنه يعرف أن خطا الطبيب قد يؤدي إلى وفاة المريض فهو يقول: فيخطئ الطبيب ويمعن باستعمال القوابض والمقريات فيكون ذلك هلاك العليل. 14 ب ويبين الحالة التشخيصية الصعبة التي قد يختلط فيها الأمر على الطبيب ويخطئ أو يقع في الخطأ فهو يقول: وأصعب ما يشكل هذا إذا اجتمع زحير وقولنج. 14 ب.
56 إن الشيخ الرئيس يقوي حجته بالإشارة إلى الثقات في الطب والمشهورين كما نفعل اليوم فهو يقول: وقال جالينوس إن كل وجع شديد في البطن فهو قولونج لأن الكبد والطحال وغير ذلك من الأعضاء المنطبقة بالأمعاء لا يبلغ وجعها وجع قولون ثم معاء قولون يبلغ جهات البطن. 14 ب.
57 إن الشيخ الرئيس لا يكتفي بالقولنج كمرض منفصل بل يذكر الأمراض التي ينتقل إليها وهو يخصص الفصل الثامن في ذكر الأمراض التي من شان القولنج أن ينتقل إليها: إن القولنج ينتقل إلى الصرع وإلى الفالج وإلى أوجاع المفاصل وإلى السحج واليرقان وإلى الخفقان وإلى الاستسقاء وعسر البول واسترخاء المعدة والزحير والبواسير. 15 أو هي مضاعفات معروف كثير منها في أمراض القولنج. ولكن تعليلاته لها لا تتفق وما نعرفه علميا اليوم فهو يقول: تلك الأخلاط إلى الأعضاء الأخرى فان تصعدت إلى الدماغ وكانت رطبة أحدثت الفالج والسكتة والصرع، وإذا انصب إلى بعض الأعصاب أحدثت الاسترخاء، وإذا قبلها المفاصل حدث أوجاع المفاصل الباردة، فان مالت إلى ناحية الكلية والمثانة أحدثت عسر البول، وإن كانت حرارية ومالت إلى الدماغ أحدثت السرسام وهذا نادر، فان أكثر ما يتفق للأخلاط الحرارية المحتبسة بسبب القولنج أن ما ينصب إلى الجلد فيحدث اليرقان. 15 أ.
58 إن ابن سينا يشرح سبب الخفقان كما نشرحه اليوم فهو يقول:
وأما الخفقان فيحدث لميل المواد إلى فم المعدة من ناحية القلب. 15 أ.
59 إن الشيخ الرئيس لا ينسى مضاعفات استعمال الحقنة في المعالجة ويصف تأثير ذلك على المريض قائلا: وأما السحج إما لاستتباع الاستفراغ بالحقن أخلاطا حادة أو لأجل أن الحقنة الحادة يخرط المعاء ويجرده، وأما الزحير فيكون لضعف المعاء المستقيم ونكاية الحقن به واسترخاء المقعدة أيضا بمثل ذينك في عضل المقعدة. 15 ب. ويعطي نفس التفسير غير العلمي للبواسير قائلا: وأما البواسير فلقبول المعاء في نفسه أخلاطا ردية يحدث البواسير ويضعف المقعدة فيقبل المواد المنصبة إليه. 15 ب.
60 إن المقالة الثالثة مخصصة لمعالجة القولنج البارد، ولكن ابن سينا يؤكد الحقيقة الطبية التي نمارسها اليوم وهي أن الطبيب يجب أن يكون متأكدا