المهاج، رتبته في الآفاق شهيرة ورفعته أسمى من شمس الظهيرة، ولم يكن في عصره ومصره من يدانيه من مده وقصره، وهو في العلم فاضل لا يسامى، وفي الأدب فاضل لم يكل الدهر له حساما، إن شهر طبق وإن نشر عبق، وشعره أبهى من شف البرود وأشهى من رشف الثغر والبرود... إلى أن قال قدس سره: ومن شعره قوله:
قل لأهل العذل لو وجدوا * من رسيس الحب ما نجد أوقدوا في كل جارحة * زفرة في القلب تتقد ثم ذكر تمام القصيدة وبعض قصائده الفائقة فتوفى قدس سره سنة 1017.
السيد درويش الغريفي البحراني.
قال في تاريخ البحرين المخطوط ونرجو من القراء أن يتحملوا المبالغات كما تحملنا:
سيد العلماء المحققين، سند الفضلاء المدققين، جامع المعقول والمنقول، مستنبط الفروع من الأصول، قطب دوائر التحقيق، صدر صدور المدرسين، كان من أدباء زمانه، عارفا بالعلوم الأدبية، عالما بالفنون الرياضية، وهو مجاز عن شيخه صاحب الحدائق، وله تأليفات منها كتاب شرح القواعد، وكتاب جواهر الحروف، وكتاب القصائد، ورسالة في الإمامة، وكتاب في تفسير الأسماء الحسنى وغير ذلك، مات في شيراز سنة 1204 الرابعة والمائين والألف وقبره في شيراز في السعدية.
رقية بنت الشيخ الميرزا علامة بن الشيخ الحسن بن الشيخ محمد صالح الحائرية.
ولدت في كربلاء سنة 1307 هجرية، وتوفيت في 5 رجب سنة 1399، ودفنت في مقبرة أسرتها البرغانيين خلف الشاه زاده حسين بقزوين.
قرأت المقدمات والعلوم العربية على رجال أسرتها في كربلاء، كما حفظت القرآن الكريم قبل التاسعة من عمرها، وأخذت الفقه والأصول عن الشيخ صدر الدين المعروف بعماد الاسلام ابن الشيخ الميرزا عبد الوهاب البرغاني والشيخ الميرزا أحمد البرغاني، فنبغت في علوم القرآن والتفسير، وكانت من فواضل نساء عصرها، وتصدرت للتدريس في كربلاء للنساء أكثر من نصف قرن، وقد تزوجت بابن عمها الشيخ حسن بن الشيخ الميرزا علي نقي، وكان زوجها مع فضله يستفسر منها في حل بعض المسائل العلمية والفقهية. كما كانت من مراجع الأمور الشرعية للنساء في كربلاء. ومن مؤلفاتها رسالة في خواص السور القرآنية وبعض الآيات، رسالة في غريب القرآن.
هاجرت من كربلاء إلى قزوين بعد طغيان النظام البعثي العراقي (1).
رويبة بن وبر البجلي.
عند ما أصر الخوارج يوم النهروان على ضلالهم دعا علي ع برجل من أصحابه يقال له رويبة بن وبر البجلي فدفع إليه اللواء وأمره بالتقدم إلى القوم، قال: فتقدم إلى القوم وهو يقول:
لقد عقد الامام لنا لواء * وقدمنا إمام المؤمنينا بأيدينا مثقفة طوال * وبيض المرهفات إذا حلينا نكر على الأعادي كل يوم * ونشهد حربهم متواريينا ونضرب في العجاج رؤوس قوم * تراهم جاحدين وعابدينا قال: فحمل فجعل يقاتل حتى استشهد.
السائب بن مالك الأشعري.
مرت كلمة عنه في الصفحة 182 من المجلد السابع، ونضيف إليها هنا ما يلي:
لما خرج المختار في الكوفة طلبا بثار الحسين ع انضم إليه السائب، ولما اصطدمت قوى المختار بقوى عبد الله بن مطيع والي ابن الزبير على الكوفة، أقبل المختار في عساكره حتى وقف على أفواه السكك وأمر أصحابه بالقتال، فاقتتلوا قتالا لم يسمع به ولا بمثله. قال: وجعل السائب بن مالك الأشعري ينادي: ويحكم يا شيعة آل رسول الله إنكم قد كنتم تقتلون قبل اليوم، وتقطع أيديكم وأرجلكم من خلاف، وتسمل أعينكم، وتصلبون أحياء على جذوع النخل، وأنتم إذ ذاك في منازلكم لا تقاتلون أحدا، فما ظنكم اليوم بهؤلاء القوم إن هم ظهروا عليكم! فالله الله في أنفسكم وأهاليكم وأموالكم وأولادكم! قاتلوا أعداء الله المحلين، فإنه لا ينجيكم اليوم إلا الصدق واليقين، والطعن الشزر، والضرب الهبر، ولا يهولنكم ما ترون من عساكر هؤلاء القوم فان النصر مع الصبر. فعندها رمت الناس بأنفسهم عن دوابهم، ثم جثوا على الركب وشرعوا الرماح وجردوا الصفاح وفوقوا السهام، واصطفقوا بالصفوف اصطفاقا، وتشابك القوم اعتناقا، فصبر القوم بعضهم لبعض ساعة، وقتل من الفريقين جماعة، وانهزم أصحاب عبد الله بن مطيع، واقتحم المختار وأصحابه الكوفة.
السيد سعد صالح.
مرت كلمة عنه في الجزء الأول من المستدركات، وكتبناها يومذاك مما كان في الذاكرة من مواقفه، وكنا نفتقر إلى الوثائق والمصادر التي كانت بعيدة عنا يوم كتابة تلك الكلمة.
وقد وقع في أيدينا بعد ذلك بعض ما كتبه عنه جعفر الخليلي مما نأخذه هنا، قال وهو يتحدث عن بدء ممارسته للمحاماة في النجف.
عرف الناس في سعد شخصية ممتازة من حيث رعايتها للحقوق، والتزامها بواجب المحامي الذاب عن حقوق موكله بكل معنى الذب، وبدأت تحوط اسمه هالة من الاجلال والاحترام، وكانت النجف قد شرعت تدب فيها الاختلافات فسعى إلى إزالتها ووفق بين النزاعات المختلفة، فإذا به بين ليلة وضحاها بصبح شخصية لها شئ من الوجاهة. ثم بدأ يزيد نفوذه على مر الأيام ويكبر في العيون يوما بعد آخر.
وقد صار لسعد شان آخر فوق الشأن الذي أكسبته إياه المحاماة، وصا لأخذ رأيه من لدن رجال اللواء والقضاء قيمة في المهمات والطوارئ.
لقد عرفته صادقا وهو يقدس الصدق ويفضله على جميع الصفات وعرفته جريئا، وهو يعطي الجرأة كل ما ينبغي أن تعطى لتكون جرأ محمودة.
وسعد شاعر وخطيب، وله شعر كثير أغلبه يصدر نزعاته الوطنية وقليل منه في النواحي الأخرى.