مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٢٧
وعن بشر بن نصر، وعن منصور بن إسماعيل، وابن بحر، وأخذ العربية عن ابن ولاد، وكان لحبه الحديث لا يدع المذاكرة، وكان يلزمه محمد بن سعد الباوردي الحافظ، فأكثر عنه من مصنفاته، فذاكرة يوما بأحاديث، فاستحسنها ابن الحداد، وقال: اكتبها لي، فكتبها له، فجلس بين يديه، وسمعها منه وقال: هكذا يؤخذ العلم، فاستحسن الناس ذلك منه، وكان تتبع ألفاظه، وتجمع أحكامه. وله كتاب الباهر، في الفقه نحو مائة جزء، وكتاب الجامع.
وفي ابن الحداد، يقول أحمد بن محمد الكحال:
الشافعي تفقها والأصمعي * تفننا والتابعين تزهدا قال ابن زولاق: حدثنا ابن الحداد بكتاب خصائص علي رضي الله عنه، عن النسائي، فبلغه عن بعضهم شئ في علي، فقال: لقد هممت أن أملي الكتاب في الجامع.
قال ابن زولاق: وحدثني علي بن حسن، قال: سمعت ابن الحداد، يقول: كنت في مجلس ابن الإخشيذ، يعني: ملك مصر، فلما قمنا أمسكني وحدي، فقال: أيما أفضل أبو بكر، وعمر، أو علي؟ فقلت: اثنين حذاء واحد، قال: فأيما أفضل أبو بكر، أو علي؟ قلت: إن كان عندك فعلي، وإن كان برا فأبو بكر، فضحك.
قال: وهذا يشبه ما بلغني عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنه سأله رجل: أيما أفضل أبو بكر، أو علي؟ فقال: عد إلي بعد ثلاث، فجاءه، فقال: تقدمني إلى مؤخر الجامع، فتقدمه، فنهض إليه، واستعفاه، فأبى، فقال: علي، وتالله لئن أخبرت بهذا أحدا عني لأقولن للأمير أحمد بن طولون، فيضربك بالسياط.
وقد ولي القضاء من قبل ابن الإخشيذ ثم بعد ستة أشهر، ورد العهد بالقضاء من قاضي العراق ابن أبي الشوارب لابن أبي زرعة، فركب بالسواد.
ولم يزل ابن الحداد يخلفه إلى آخر أيامه.
وكان ابن أبي زرعة يتأدب معه، ويعظمه، ولا يخالفه في شئ، ثم عزل عن بغداد ابن أبي الشوارب بأبي نصر يوسف بن عمر، فبعث بالعهد إلى ابن أبي زرعة.
قال ابن خلكان: صنف أبو بكر بن الحداد كتاب الفروع في المذهب، وهو صغير الحجم، دقق مسائله، وشرحه جماعة من الأئمة. منهم: القفال المروزي، والقاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي إلى أن قال: أخذ عن أبي إسحاق المروزي.
ومولده يوم مات المزني (1). وكان غواصا على المعاني محققا.
توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة. وقيل: سنة أربع.
قلت: حج، ومرض في رجوعه، فأدركه الأجل عند البئر والجميزة يوم الثلاثاء لأربع بقين من المحرم سنة أربع، وهو يوم دخول الركب إلى مصر، وعاش تسعا وسبعين سنة وأشهرا، ودفن يوم الأربعاء عند قبر أمه. أرخه المسبحي. انتهى.
هذا ما ذكره الذهبي في كتابه. وفي هذه الترجمة أمور تلفت النظر وتبعث على التفكير.
1: يبدو جليا أن صاحب هذه الترجمة كان شيعيا في حقيقته، وهل أصرح في تشيعه من تصريحه بتفضيل علي على من فضله.
2: يبدو كذلك أن ملك مصر أبا القاسم بن الأخشيد كان كذلك شيعيا، وهل من شئ أدل على تشيعه من أنه لما سال المترجم أيهما أفضل أبو بكر أو علي؟ فاجابه المترجم أما عندك فعلي، وإن كان برا فأبو بكر.
وهذا يستدعي دراسة واسعة عن الدولة الاخشدية بعامة وعن أبي القاسم بخاصة، كذلك دراسة الوسط المصري في ذلك الوقت الذي جعل عالما كبيرا كالمترجم يتبنى الفكر الشيعي بهذه الصورة، ويجهر بهذا الفكر أمام صاحب السلطة الموافق له فيه، ثم يتجنب الجهر به خارج أبواب صاحب السلطة.
ثم عنايته هذه العناية بكتاب خصائص علي للنسائي، وارتباطه بشخص النسائي هذا الارتباط الوثيق وتتلمذه عليه. ثم غضبه لما بلغة عن بعضهم شئ في علي ع حتى لقد هم أن يخرج عن تحفظه ويملي الكتاب في الجامع.
ثم لا ننسى له هذا الظرف الذي يشاركه فيه ابن الإخشيد، حين قال الأول للثاني إن كان عندك فعلي وإن كان برا فأبو بكر.
3: القول نفسه يقال عن الرجل الآخر الذي ورد اسمه في هذه الترجمة: محمد بن عبد الله بن الحكم.
أبو نصر الفارابي محمد بن أحمد بن طرخان.
مرت ترجمته في الصفحة 103 من المجلد التاسع. وقد حقق الدكتور جعفر آل ياسين كتابه التنبيه على سبيل السعادة، فكتب عنه ما يلي:
1 التعريف العام بالكتاب وغاياته:
إن المصطلح السائر لدلالة التنبيه هو كون الشئ الذي لا يحتاج إلى برهان زائد على ما تقدم عليه من إيضاحات والمتقدم هنا هو كتاب تحصيل السعادة كما أوضحنا في تحقيقنا له.
أما في هذا الكتاب فإننا نجد أن الفارابي ت 339 ه. يقرر أن الكمال هو الغاية الأصيلة التي يتشوقها الإنسان في تطلعه نحو حياة أكثر سعادة وسلامة، لأن السعادة الحقيقية هي آثر الخيرات طرا، باعتبار أنها تطلب لذاتها لا لشئ آخر يتوسل به إليها.
وهذه السعادة في ضوء تطبيقاتها العملية تتصف أفعالها بحالين: إما حال مذمة، أو حال محمدة، وهي في الحالين لا تتعدى كونها أحد ثلاثة:
أ أفعال يحتاج الإنسان فيها إلى استعمال أعضاء بدنه وآلاته، كالقيام والقعود والنظر والسماع.
ب أفعال مصدرها عوارض النفس، كاللذة والغضب والشوق والفرح والخوف.

(1) برا: كلمة مولدة بمعني علانية، ومنه: " من أصلح جوانيه، أصلح الله برانيه " أي:
من أصلح سريرته أصلح الله علانيته.
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370