تحية كسرى في الثناء وتبع * لربعك، لا أرضى تحية أربع وفيها يقول:
ألم يأتكم أني تفردت بعدكم * عن الأنس، من يشرب من العد ينقع (1) نعم، حبذا قيظ العراق، وإن غدا * يبث جمارا في مقيل ومضجع وفي سقط الزند فضلا عن ذلك قصائد كثيرة مما قاله وهو في بغداد، ومعلوم أن رحلته إليها كانت في ما بين عامي 398 399 ه، أي حين كان قد جاوز الخامسة والثلاثين، فأين ه في هذه السن من زمن الصبا؟...
يضاف إلى ذلك كله أن جملة من قصائده السائرة في الناس منذ أجيال، والمعروفة أنها من ذروات الشعر العلائي، هي من قصائد سقط الزند، وهذه يبدو عليها طابع النضج الفكري والشعري الذي عرف به أديبنا العربي العظيم. ومن ذلك قصيدته المشهورة في رثاء الفقيه الحنفي أبي الخطاب محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الجبلي (2) الذي توفي سنة 439 ه كما ذكر ياقوت في معجم البلدان. وهي القصيدة التي مطلعها:
غير مجد في ملتي واعتقادي * نوح باك، ولا ترنم شاد ففي سقط الزند إذن من شعر أبي العلاء ما قاله وهو في السادسة والسبعين، فأين هذه السن من زمن الصبا؟...
يثبت من هذا كله أن الفكرة الثابتة في الأذهان، بان سقط الزند هو شعر أبي العلاء في صباه، ليست منطبقة على الواقع. وأعني بالتحديد: واقع هذا الديوان بصورته التي وصلت إلينا، والتي يحكم عليها الباحثون المعاصرون أيضا أنها من شعر أبي العلاء في صباه. ويبدو لي من مطالعة أخبار أبي العلاء في مختلف المراجع التي استطعت الوصول إليها، أن سقط الزند الذي بين أيدينا الآن، بطبعتيه: المصرية، واللبنانية، لا يختلف كثيرا عنه كما عرفته الأجيال المقاربة لعهد المعري. يدلنا على ذلك كما ذكرت آنفا أن صاحب شرح التنوير قد أورد جميع القصائد التي أشرت إليها منذ قليل، ومنها قصيدة: غير مجد في ملتي واعتقادي... فهل يكون ذكر هذه القصائد كلها في سقط الزند من تحريف المؤرخين والشارحين بهذا التواطؤ والتواتر؟. إني أشك بذلك.
تراني أصر على تحقيق هذه المسألة لغرض أريد أن أنتهي إليه، وهو غرض أدبي له شانه الخطير في رأيي. وذلك أن سقط الزند إذا اعتبرناه من شعر أبي العلاء في مراحل صباه وفي شبيبته وفي أوائل كهولته، كما هو الواقع الذي عرضنا أدلته في هذا الفصل، فهو إذن يصح كما قلت أول الأمر أن تكون دراسته مدخلا لدراسة جديدة لأبي العلاء. فان الذين بحثوا أمر هذا الأديب العربي العظيم، قصروا النظر في بحثه غالبا على عدد من مؤلفاته، ولا سيما اللزوميات ورسالة الغفران، ولم ينظروا إلى سقط الزند الذي يمثل أصالته الأدبية بحقيقتها، ويمثل كذلك أهم أوجه حياته وشخصيته، وأعمق تجاربه الوجدانية وانفعالاته الشاعرية.
الشيخ أحمد بن الشيخ حسين من آل عصفور قال في تاريخ البحرين المخطوط:
هو من فضلاء البحرين وهو مجاز عن أبيه عن صاحب الحدائق وله من الأولاد الشيخ محمد وكان فاضلا محققا معاصرا مع عمه العلامة الشيخ حسن المتقدم ذكره. وله من الأولاد الحاج شيخ إبراهيم والشيخ أحمد والشيخ علي، أما الشيخ أحمد فقال صدر الدين الشيرازي في تاريخ فارس عند ذكره: هذا الشيخ كان عالما عادلا زاهدا متبحرا، وقد مضى من عمره سبعون سنة 1219، وأما الشيخ إبراهيم فهو من زهاد هذا العصر، تصدر في البصرة للجمعة والجماعة مدة عشر سنين فتوفي سنة 1291، وله من الأولاد علامة العصر رئيس المذهب الملقب بامام الجمعة، تصدر للافتاء في حياة جدي العلامة الشيخ عبد علي بن العلامة الشيخ خلف، ومجاز عنه وهو إلى الآن قائم بأعباء الفتوى، مع ما عليه من لباس التقوى، كان حليما كريما دامت أيام إفادته، وللشيخ أحمد من الأولاد الشيخ خلف وهو أيضا عالم فاضل ومتبحر كامل أيدهم الله تعالى.
الشيخ أحمد الزاهد البحراني.
قال في تاريخ البحرين المخطوط:
إمام وقته في العلوم العقلية، وأحد الأئمة في العلوم الشرعية، صاحب المصنفات المشهورة والفضائل الغزيرة المذكورة.
ولد في رمضان في سنة خمس وأربعين بعد الألف، اشتغل أولا على عمه العلامة الشيخ كمال الدين البحراني، ثم على بعض علماء الحلة، وأتقن علوما كثيرة، وبرز فيها وتقدم وساد، وقصده الطلبة من سائر البلاد، وإنما ذكرته في حالات الشعراء لأنه ما صنف في العلوم شيئا إلا كتابا في المدائح والقصائد والمراثي. مات قدس سره سنة 1112، وقبره في بهبهان مشهور رحمة الله وبركاته عليه.
الشيخ أحمد بن الشيخ سلمان آل عصفور.
قال في تاريخ البحرين المخطوط:
كان من أعيان هذه الطائفة وهو مجاز عن عمه الشيخ عبد علي بن العلامة الشيخ خلف العصفور، تصدر للافتاء بأمر الشيخ في البحرين، ولم أجد من تأليفه شيئا إلا رسالة في أدوات العموم وحاشية مليحة على المطول.
مات قدس سره سنة 1306.
الشيخ أحمد بن سليمان الخطي.
قال في تاريخ البحرين المخطوط:
هو من مشايخ الطريقة أخذ الأدب عن علامة زمانه الشيخ سليمان بن أبي ظبية، والفقه عن المحدث البارع الشيخ محمد الحر العاملي وله كتاب في الحكمة، لم يعمل مثله، ورسالة في قوله تعالى: ألم أعهد، إليكم يا بني آدم... وغير ذلك من الرسائل.
مات قدس سره سنة 1110 العاشر والمائة بعد الألف.
الشيخ أحمد بن صالح البحراني.
قال في تاريخ البحرين المخطوط:
فقيه عصره وفريد دهره كان من المتورعين، ولم يتصدر للقضاء لزهده