ونواحيها، هذا ما قاله ابن خلدون، ولكن أبا الفداء يقول إن سليمان بن عبد الله قتل بوقعة فخ وجمع رأسه مع رؤوس القتلى.
إدريس يغزو المغرب الأقصى ثم إن إدريس اتخذ جيشا كثيفا من وجوه زناتة وأوربة وصنهاجة وهوارة وغيرهم، وخرج غازيا بلاد تامستا، ثم زحف إلى بلاد تاولا ففتح معاقلها وحصونها، وكان أكثر أهل هذه البلاد لم يدخلوا في الاسلام وإنما الاسلام بها قليل، فأسلموا جميعهم على يده.
ورجع إلى مدينة وليلى مؤيدا منصورا، فدخلها أواخر ذي الحجة سنة 172، فأقام بها شهر المحرم أول سنة 173 ريثما استراح الناس، ثم خرج يغزو من كان بقي من قبائل البربر بالمغرب على غير دين الاسلام، وكان قد بقي منهم بقية متحصنون في المعاقل والجبال والحصون المنيعة، فلم يزل إدريس يجاهدهم في حصونهم ويستنزلهم من معاقلهم حتى دخلوا في الاسلام.
وكانت البلاد التي غزاها هذه المرة هي: حصون فندلاوة وحصون مديونة وبهلولة وقلاع غياثة وبلاد فازاز ثم عاد إلى مدينة وليلى فدخلها في النصف من جمادي الآخرة من السنة المذكورة.
إدريس يغزو المغرب الأوسط الجزائر أقام إدريس في وليلى بقية جمادى الآخرة ونصف رجب التالي لها ريثما استراح جيشه ثم خرج منتصف رجب المذكور لغزو مدينة تلمسان ومن بها من قبائل مغراوة بني يفرن فانتهى إليها ونزل خارجها فخرج إليه صاحبها محمد بن خزر مستأمنا ومبايعا له فأمنه إدريس وقبل بيعته.
ودخل مدينة تلمسان فامن أهلها ثم أمن سائر زناتة وبني مسجد تلمسان وأتقنه ثم رجع إلى وليلى. أما الأحداث الأخرى في حياة إدريس فتراجع في ترجمته المتقدمة في المجلد الثالث.
الشاه إسماعيل الأول الصفوي والصفويون مرت ترجمته في الصفحة 321 من المجلد الثالث، ثم ذكرنا تفاصيل أخرى عنه في الصفحة 16 من المجلد الأول من المستدركات.
وها هنا تفاصيل أخرى كتبها واحد من معاصري أواخر عهد الصفويين هو السيد حسين بن مرتضى الحسيني الاسترآبادي في كتاب بعنوان من الشيخ صفي إلى الشاه صفي وهذا الكاتب عاش في عصر الشاه حسين 1106 1135 وكتب ما كتب سنة 1115.
ونحن ننشر مقاله أولا ثم نعلق عليه والمقال مكتوب بالأصل بالفارسية وقد تركناه بنصه لاعطاء صورة كاملة من آراء الكاتب وعن تعبيره عن رجال ذلك العهد واعتقاده بهم غير متدخلين في آرائه وتعبيره واعتقاده، تاركين للقارئ استنتاج ما يشاء من الحقائق وحدها. قال الكاتب:
الصفويون: من صفي الدين إلى إسماعيل سلطان الأولياء وبرهان الأصفياء، سراج سماء الولاية الأعظم السلطان صفي الدين إسحاق قدس سره كان شمسا من مشرق الولاية، شخصية دينية نيرة، وشمس من مطلع الهداية، ناشر الشريعة. اسمه الشريف هو حضرة السيد إسحاق، ولقبه الكريم هو صفي الدين، وفي بعض الكتب نجيب الدين. ولكن هذا اللقب غير معروف وكنيته الشريفة أبو الفتح. كان مولده السعيد في سنة 651 في آخر أيام حكومة العباسيين، وبعد وفاة والده الكريم أشرفت والدته المحترمة على تربيته وأحواله، وعمل فترة من الزمن في كسب الفضائل والكمالات الصورية، وقد تغلبت عليه رغبة السير والسلوك وإدراك مشاكل عالم المعنى، ووضع خطاه وسار في وادي الجهاد ونكران الذات والتصوف، وكان ينوي أن يلزم خدمة مرشد عالم جليل، صاحب مكارم يتتلمذ على يديه، ويكسب آداب السلوك، ويبلغ الكمال. فكان يقضى أيامه بجوار مرقد الشيخ فرح الأردبيلي والشيخ أبي سعيد وهما من مريدي شيخ الطائفين الشيخ جنيد البغدادي، وأحيانا يقضي أيامه بجوار مرقد العارف الرباني الشيخ شهاب الدين محمد الأهري. حتى وصل صيته إلى أسماع الشيخ نجيب الدين مرعش الشيرازي، فحصل لديه رغبة في زيارته ولما كان أخوه الأكبر السيد صلاح الدين يقيم في مدينة شيراز وهو يتمتع بالمال والجاه والصيت، وقد تزوج هناك عفيفة من الأشراف النبلاء، فقد استأذن من والدته أن يسافر إلى مدينة شيراز بحجة زيارة أخيه، فتوجه بالفعل نحو المقصود، وكان يلتقط من الثمار حيث يحل في طريقه، ومع كل من كان يجتمع بهم من أصحاب الفكر والمنزلة والقدر، وحين وصل إلى شيراز كان الشيخ نجيب الدين مرعش قد انتقل إلى جوار ربه، فالتقى بنجله الشيخ ظهير الدين والتقى بمشايخ تلك الديار. وبدت عليه آثار الكرامة حتى التقى بمولانا رضي الدين وهو من العلماء من أصحاب الشأن، وكان في خدمته حتى أنهى من التفسير إلى سورة إذا زلزلت، ومن ثم حصل على ترخيص ندريس التفسير. كما اجتمع بالشيخ مصلح الدين سعدي الشيرازي. وفي بيضاء بولاية فارس التقى بالشيخ ركن الدين البيضاوي، ومن ثم التقى بالأمير عبد الله قدس سره وهو فارس ميدان الهداية وقدوة أرباب التصوف، فشرح له ما جرى عليه، فتأمل مليا وأجاب أيها الشاب التركي، إن الذي توصلت إليه من الجهاد، ونكران الذات، وعظمة الشأن، لم تبلغه بصيرتنا، ولم يصل إليه طائر همتنا. إن الذي تريده أنت وتتمنى أن تبلغ إليه لا يرشدك إليه سوى عارف المعارف الربانية الشيخ إبراهيم زاهد الكيسلاني، لا أحد سواه. وهو في كيلان بالقرب من بلدك، ويعيش هناك قرب البحر في خلوته، ووصف له جمال بشرته وقال: إنه رجل قصير القامة، أبيض الوجه أسود العينين، عريض الجبين، رأسه أصلع، كث اللحية.
فلم يلبث صاحبنا أن ودع مشايخ فارس وتوجه إلى أردبيل، فوصل إلى صومعة الشيخ زاهد ووقف إلى الصلاة، وكان ذلك في شهر رمضان المبارك، وكانت من عادات الشيخ زاهد أن لا يجتمع في هذا الشهر مع أحد، وكان الشيخ صفي الدين إسحاق قد وصل إليها في ذلك اليوم، فخرج الشيخ زاهد من خلوته وقال لخادمه: لقد حل علينا اليوم ضيف وهو الآن في الصومعة، مشغول بعبادة الله تعالى، آتني به، فجاء إليه الخادم وأخذه إلى الشيخ زاهد.
وما أن رآه الشيخ زاهد حتى أمره بتزكية النفس ونكران الذات، وكان صفي الدين يفطر مرة واحدة في كل أسبوع. ولكن أخيرا حسب ما نصحه الشيخ زاهد قلل هذا الأمر إلى ثلاثة أيام، وكانت وجبة الافطار تقتصر على حفنة من الرز اليابس. وجاءت موارد كثيرة من مكارم ومعجزات صفي الدين في كتابي صفوة الصفا وفتوحات أميني الهروي: ومنها أنه رأى ليلة في المنام أنه يتقلد سيفا، وعلى رأسه قبعة من جلد السمور، وكلما رفع قبعته ظهرت الشمس في أم رأسه تضيء العالم، وقال الشيخ زاهد في تأويل هذه الرؤيا: إن السيف