جواد بما تحوي يداه مهذب * أديب غدا خلا لكل أديب نسيب إخاء وهو غير مناسب * قريب صفاء وهو غير قريب ونسبة ما بين الأقارب وحشة * إذا لم يؤلفها انتساب قلوب الفاء (2) يسترسل الضيف في أبياتنا أنسا * فليس يعلم خلق أينا الضيف والسيف أن قسته يوما بنا شبها * في الروع، لم تدر عزما أينا السيف الكاف (3) وإنا لتصبح أسيافنا * إذا ما انتضين ليوم سفوك منابرهن بطون الأكف * وأغمادهن رؤوس الملوك وما لي في الخلق من مشبه * ولا في اكتساب العلى من شريك ما لم ترجح نسبته إليه الباء (4) بكيت على الشباب بدمع عيني * فلم يغن البكاء ولا النحيب فيا أسفا أسفت على شباب * نعاه الشيب والرأس الخضيب عريت من الشباب وكان غضا * كما يعرى من الورق القضيب فيا ليت الشباب يعود يوما * فأخبره بما صنع المشيب الحاء (5) عندكن الفؤاد والقلب رهن * في يدي ذات دملج ووشاح ذات خدين ناعمين ضنينين * بما فيهما من التفاح وثنايا وريقة كغدير * من مدام وروضة من أقاح فمساويكها بها كل يوم * في رياض من اصطباح الراح الراء (6) كم قد نماني من رئيس قسور * دامي الأنامل من خميس ممطر خلقت أنامله لقائم مرهف * ولدفع معضلة وذروة منبر ما أن يريد إذا الرماح شجرنه * درعا سوى سربال طيب العنصر يلقى السيوف بنحره وبوجهه * ويقيم هامته مقام المغفر ويقول للطرف اصطبر لشبا القنا * فهدمت ركن المجد أن لم تعقر وإذا تأمل شخص ضيف مقبل * متسربل سربال ليل أغبر أومى إلى الكوماء هذا طارق * نحرتني الأعداء أن لم تنحري اللام (7) 1 لا تبك إثر مول عنك منحرف * تحت السماء وفوق الأرض أبدال 2 الناس أكثر من أن لا ترى خلفا * ممن زوى وجهه عن وجهك المال 3 ما أقبح الود يدنيه ويبعده * بين الصديقين إكثار وإقلال أبو الحسن علي بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات ولد سنة 241 وقتل سنة 312 وبنو الفرات أسرة شيعية.
قال في وفيات الأعيان:
وزير المقتدر بالله بن المعتضد بالله، وزر له ثلاث دفعات، فالأولى منهن لثمان خلون من شهر ربيع الأول، وقيل: لسبع بقين منه، سنة ست وتسعين ومائتين، ولم يزل وزيره إلى أن قبض عليه لأربع خلون من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين، ونكبه ونهب داره وأمواله، واستغل من أملاكه إلى أن عاد إلى الوزارة الثانية سبعة آلاف ألف دينار، وذكروا عنه أنه كتب إلى الأعراب أن يكبسوا بغداد، والله أعلم، ثم عاد إلى الوزارة يوم الاثنين لثمان خلون من ذي الحجة سنة أربع وثلاثمائة، وخلع عليه سبع خلع، وحمل إليه ثلاثمائة ألف درهم لغلمانه وخمسون بغلا لثقله وعشرون خادما وغير ذلك من الآلات، وزاد في ذلك اليوم في ثمن الشمع في كل من قيراط ذهب لكثرة استعماله إياه، وكان ذلك النهار شديد الحر، فسقى في ذلك اليوم وتلك الليلة في داره أربعون ألف رطل من الثلج، ولم يزل على وزارته إلى أن قبض عليه يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة، ثم عاد إلى الوزارة يوم الخميس لسبع ليال بقين من ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وكان يوم خرج من الحبس مغتاظا، فصادر الناس، وأطلق يد ابنه المحسن فقتل حامد بن العباس الوزير الذي كان قبل أبيه، وسفك الدماء، ولم يزل على وزارته إلى أن قبض عليه لتسع ليال خلون من ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وقيل: قبض عليه يوم الثلاثاء لسبع خلون من شهر ربيع الأول.
وكان يملك أموالا كثيرة تزيد على عشرة آلاف ألف دينار، وكان يستغل من ضياعه في كل سنة ألفي ألف دينار، وينفقها، قال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي: مدحته بقصيدة، فحصل لي في ذلك اليوم ستمائة دينار.
وكان كاتبا كافيا خبيرا، قال المعتضد بالله لعبيد الله بن سليمان: قد دفعت إلى ملك مختل وبلاد خراب، ومال قليل وأريد أن أعرف ارتفاع الدنيا لتجري النفقات عليه، فطلب ذلك عبيد الله من جماعة من الكتاب، فاستمهلوه أشهرا، وكان أبو الحسن بن الفرات وأخوه العباس محبوسين منكوبين، فاعلما بذلك، فعملاه في يومين وأنفذاه، فعلم عبيد الله أن ذلك لا يخفى عن المعتضد، فكلمه فيهما، ووصفهما، فاصطنعهما.
وكانت في دار أبي الحسن بن الفرات حجرة شراب يوجه الناس على اختلاف طبقاتهم إليها غلمانهم يأخذون منها الأشربة والفقاع والجلاب إلى دورهم.
وكان يجرى الرزق على خمسة آلاف من أهل العلم والدين والبيوت والفقراء أكثرهم مائة دينار في الشهر، وأقلهم خمسة دراهم، وما بين ذلك.
قال الصولي: ومن فضائله التي لم يسبق إليها أنه كان إذا رفعت إليه قصة فيها سعاية خرج من عنده غلام فنادى: أين فلان ابن فلان الساعي؟ فلما عرف الناس ذلك من عادته امتنعوا عن السعاية بأحد، واغتاظ يوما من رجل فقال: اضربوه مائة سوط، ثم أرسل آخر فقال: اضربوه خمسين، ثم أرسل آخر فقال: لا تضربوه، وأعطوه عشرين دينارا، فكفاه ما مر به المسكين من الخوف.