وصاحب المخرم وصاحب الدير المعروف ببستان القس وصاحب العتيقة فسألهم عن مواضعهم وكيف هي في الحر والبرد والأمطار والوحول والبق والهوام فأخبره كل واحد بما عنده من العلم فوجه رجالا من قبله وأمر كل واحد منهم أن يببت في قرية منها فبات كل رجل منهم في قرية منها وأتاه بخبرها وشاور المنصور الذين أحضرهم وتنحر أخبارهم فاجتمع اختيارهم على صاحب بغداد فأحضره وشاوره وساءله فهو الدهقان الذي في قريته قائمة إلى اليوم في المربعة المعروفة بأبي العباس الفضل بن سليمان الطوسي وقباب القرية قائم بناؤها إلى اليوم وداره ثابتة على حالها فقال يا أمير المؤمنين سألتني عن هذه الأمكنة وطيبها وما يختار منها فالذي أرى يا أمير المؤمنين أن تنزل أربعة طساسيج في الجانب الغربي طسوجين وهما قطربل وبادريا وفى الجانب الشرقي طسوجين وهما نهر بوق وكلواذى فأنت تكون بين نخل وقرب الماء فإن أجدب طسوج وتأخرت عمارته كان في الطسوج الآخر العمارات وأنت يا أمير المؤمنين على الصراة تجيئك الميرة في السفن من المغرب في الفرات وتجيئك طرائف مصر والشأم وتجيئك الميرة في السفن من الصين والهند والبصرة وواسط في دجلة وتجيئك الميرة من أرمينية وما اتصل بها في تأمرا حتى تصل إلى الزاب وتجيئك الميرة من الروم وآمد والجزيرة والموصل في دجلة وأنت بين أنهار لا يصل إليك عدوك إلا على جسر أو قنطرة فإذا قطعت الجسر وأخربت القناطر لم يصل إليك عدوك وأنت بين دجلة والفرات لا يجيئك أحد من المشرق والمغرب إلا احتاج إلى العبور وأنت متوسط للبصرة وواسط والكوفة والموصل والسواد كله وأنت قريب من البر والبحر والجبل فازداد المنصور عزما على النزول في الموضع الذي اختاره وقال له يا أمير المؤمنين ومع هذا فإن الله قد من على أمير المؤمنين بكثرة جيوشه وقواده وجنده فليس أحد من أعدائه يطمع في الدنو منه والتدبير في المدن أن تتخذ لها الأسوار والخنادق والحصون ودجلة والفرات خنادق لمدينة أمير المؤمنين وذكر عن إبراهيم بن عيسى أن حماد التركي قال بعث المنصور رجالا في سنة 145 يطلبون له موضعا يبنى
(٢٣٦)