فيه مدينته فطلبوا وارتادوا فلم يرض موضعا حتى جاء فنزل الدير الذي على الصراة فقال هذا موضع أرضاه تأتيه الميرة من الفرات ودجلة ومن هذه الصراة وذكر عن محمد بن صالح بن النطاح عن محمد بن جابر عن أبيه قال لما أراد أبو جعفر أن يبنى مدينة ببغداد رأى راهبا فناداه فأجابه فقال تجدون في كتبكم أنه تبنى ههنا مدينة قال الراهب نعم يبنيها مقلاص قال أبو جعفر أنا كنت أدعى مقلاصا في حداثتي قال فأنت إذا صاحبها قال وكذلك لما أراد أن يبنى الرافقة بأرض الروم امتنع أهل الرقة وأرادوا محاربته وقالوا تعطل علينا أسواقنا وتذهب بمعاشنا وتضيق منازلنا فهم بمحاربتهم وبعث إلى راهب في الصومعة فقال هل عندك علم أن يبنى ههنا مدينة فقال له بلغني أن رجلا يقال له مقلاص يبنيها قال أنا مقلاص فبناها على بناء مدينة بغداد سوى السور وأبواب الحديد وخندق منفرد وذكر عن السرى عن سليمان بن مجالد أن المنصور وجه في حشر الصناع والفعلة من الشأم والموصل والجبل والكوفة وواسط والبصرة فأحضروا وأمر باختيار قوم من ذوي الفضل والعدالة والفقه والأمانة والمعرفة بالهندسة فكان ممن أحضر لذلك الحجاج بن أرطاة وأبو حنيفة النعمان بن ثابت وأمر بخط المدينة وحفر الأساسات وضرب اللبن وطبخ الآجر فبدئ بذلك وكان أول ما ابتدئ به في عملها سنة 145 وذكر أن المنصور لما عزم على بنائها أحب أن ينظر إليها عيانا فأمر أن يخط بالرماد ثم أقبل يدخل من كل باب ويمر في فصلانها وطاقاتها ورحابها وهى مخطوطة بالرماد ودار عليهم ينظر إليهم وإلى ما خط من خنادقها فلما فعل ذلك أمر أن يجعل على تلك الخطوط حب القطن وينصب عليه النفط فنظر إليها والنار تشتعل ففهمها وعرف رسمها وأمر أن يحفر أساس ذلك على الرسم ثم ابتدئ في عملها وذكر عن حماد التركي أن المنصور بعث رجالا يطلبون له موضعا يبنى فيه المدينة فطلبوا ذلك في سنة 144 قبل خروج محمد بن عبد الله بسنة أو نحوها فوقع اختيارهم على موضع بغداد قرية على شاطئ الصراة مما يلي الخلد وكان في موضع بناء الخلد دير وكان في قرن الصراة مما يلي الخلد
(٢٣٧)