من الجانب الشرقي أيضا قرية ودير كبير كانت تسمى سوق البقر وكانت القرية تسمى العتيقة وهى التي افتتحها المثنى بن حارثة الشيباني قال وجاء المنصور فنزل الدير الذي في موضع الخلد على الصراة فوجده قليل البق فقال هذا موضع أرضاه تأتيه الميرة من الفرات ودجلة ويصلح أن تبتنى فيه مدينة فقال للراهب الذي في الدير يا راهب أريد أن أبنى ههنا مدينة فقال لا يكون إنما يبنى ههنا ملك يقال له أبو الدوانيق فضحك المنصور في نفسه وقال أنا أبو الدوانيق وأمر فخطت المدينة ووكل بها أربعة قواد كل قائد بربع وذكر عن سليمان بن مجالد أن المنصور أراد أبا حنيفة النعمان بن ثابت على القضاء فامتنع من ذلك فحلف المنصور أن يتولى له وحلف أبو حنيفة ألا يفعل فولاه القيام ببناء المدينة وضرب اللبن وعده وأخذ الرجال بالعمل قال وإنما فعل المنصور ذلك ليخرج من يمينه قال وكان أبو حنيفة المتولي لذلك حتى فرغ من استتمام بناء حائط المدينة مما يلي الخندق وكان استتمامه في سنة 149 وذكر عن الهيثم بن عدي أن المنصور عرض على أبي حنيفة القضاء والمظالم فامتنع فحلف ألا يقلع عنه حتى يعمل فأخبر بذلك أبو حنيفة فدعا بقصبة فعد اللبن على رجل قد لبنه وكان أبو حنيفة أول من عد اللبن بالقصب فأخرج أبا جعفر عن يمينه واعتل فمات ببغداد * وقيل إن أبا جعفر لما أمر بحفر الخندق وانشاء البناء وإحكام الأساس أمر أن يجعل عرض السور من أسفله خمسين ذراعا وقدر أعلاه عشرين ذراعا وجعل في البناء جوائز قصب مكان الخشب في كل طرقة فلما بلغ الحائط مقدار قامة وذلك في سنة 145 أتاه خبر خروج محمد فقطع البناء * وذكر عن أحمد بن حميد بن جبلة قال حدثني أبي عن جدي جبلة قال كانت مدينة أبى جعفر قبل بنائها مزرعة للبغداديين يقال لها المباركة وكانت لستين نفسا منهم فعوضهم منها وأرضاهم فأخذ جدي قسمة منها * وذكر عن إبراهيم بن عيسى بن المنصور أن حمادا التركي قال كان حول مدينة أبى جعفر قرى قبل بنائها فكان إلى جانب باب الشأم قرية يقال لها الخطابية على باب درب النورة إلى درب الأقفاص وكان
(٢٣٨)