وذكر محمد بن هارون عن أبيه قال حضرت الرشيد وقال له الفضل بن الربيع يا أمير المؤمنين قد أحضرت ابن السماك كما أمرتني قال أدخله فدخل فقال له عظني قال يا أمير المؤمنين اتق الله وحده لا شريك له واعلم أنك واقف غدا بين يدي الله ربك ثم مصروف إلى إحدى منزلتين لا ثالثة لهما جنة أو نار قال فبكى هارون حتى اخضلت لحيته فأقبل الفضل على ابن السماك فقال سبحان الله وهل يتخالج أحدا شك في أن أمير المؤمنين مصروف إلى الجنة إن شاء الله لقيامه بحق الله وعدله في عباده وفضله قال فلم يحفل بذلك ابن السماك من قوله ولم يلتفت إليه وأقبل على أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين إن هذا يعنى الفضل ابن الربيع ليس والله معك ولا عندك في ذلك اليوم فاتق الله وانظر لنفسك قال فبكى هارون حتى شفقنا عليه وأفحم الفضل بن الربيع فلم ينطق بحرف حتى خرجنا قال ودخل ابن السماك على الرشيد يوما فبينا هو عنده إذ استسقى ماء فأتى بقلة من ماء فلما أهوى بها إلى فيه ليشربها قال له ابن السماك على رسلك يا أمير المؤمنين بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها قال بنصف ملكي قال اشرب هنأك الله فلما شربها قال له أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشتريها قال بجميع ملكي قال ابن السماك إن ملكا قيمته شربة ماء لجدير ألا ينافس فيه فبكى هارون فأشار الفضل بن الربيع إلى ابن السماك بالانصراف فانصرف قال ووعظ الرشيد عبد الله بن عبد العزيز العمرى فتلقى قوله نعم يا عم فلما ولى لينصرف بعث إليه بألفي دينار في كيس مع الأمين والمأمون فاعترضاه بها وقالا يا عم يقول لك أمير المؤمنين خذها وانتفع بها أو فرقها فقال هو أعلم بمن يفرقها عليه ثم أخذ من الكيس دينارا وقال كرهت أن أجمع سوء القول وسوء الفعل وشخص إليه إلى بغداد بعد ذلك فكره الرشيد مصيره إلى بغداد وجمع العمريين فقال مالي ولا بن عمكم احتملته بالحجاز فشخص إلى دار مملكتي يريد أن يفسد على أوليائي ردوه عنى فقالوا لا يقبل منا فكتب إلى
(٥٣٨)