على بنى ساقى الحجيج تتابعت * أوائل من معروفكم وأواخر فأصبحت قد أيقنت أن لست بالغا * مدى شكر نعما كم وإني لشاكر وما الناس إلا وارد لحياضكم * وذو نهل بالري عنهن صادر حصون بنى العباس في كل مأزق * صدور العوالي والسيوف البواتر فطورا يهزون القواطع والقنا * وطورا بأيديهم تهز المحاضر بأيدي عظام النفع والضر لاتنى * بهم للعطايا والمنايا بوادر ليهنكم الملك الذي أصبحت بكم * أسرته مختالة والمنابر أبوك ولى المصطفى دون هاشم * وإن رغمت من حاسديك المناخر فأعطاه خمسة آلاف دينار فقبضها بين يديه وكساه خلعته وأمر له بعشرة من رقيق الروم وحمله على برذون من خاص مراكبه وذكر أنه كان مع الرشيد بن أبي مريم المدني وكان مضحاكا له محداثا فكيها فكان الرشيد لا يصبر عنه ولا يمل محادثته وكان ممن قد جمع إلى ذلك المعرفة بأخبار أهل الحجاز وألقاب الاشراف ومكايد المجان فبلغ من خاصته بالرشيد أن بوأه منزلا في قصره وخلطه بحرمه وبطانته ومواليه وغلمانه فحجاء ذات ليلة وهو نائم وقد طلع الفجر وقام الرشيد إلى الصلاة فألفاه نائما فكشف اللحاف عن ظهره ثم قال له كيف أصبحت قال يا هذا ما أصبحت بعد اذهب إلى عملك قال ويلك قم إلى الصلاة قال هذا وقت صلاة أبى الجارود وأنا من أصحاب أبي يوسف القاضي فمضى وتركه نائما وتأهب الرشيد للصلاة فجاء غلامه فقال أمير المؤمنين قد قام إلى الصلاة فقام فألقى عليه ثيابه ومضى نحوه فإذا الرشيد يقرأ في صلاة الصبح فانتهى إليه وهو يقرأ " ومالي لا أعبد الذي فطرني " فقال ابن أبي مريم لا أدرى والله فما تمالك الرشيد أن ضحك في صلاته ثم التفت إليه وهو كالمغضب فقال يا ابن أبي مريم في الصلاة أيضا قال يا هذا وما صنعت قال قطعت على صلاتي قال والله ما فعلت إنما سمعت منك كلاما غمني حين قلت " ومالي لا أعبد الذي فطرني " فقلت لا أدرى والله فعاد فضحك وقال إياك والقرآن والدين ولك ما شئت بعد هما وذكر بعض خدم الرشيد أن العباس بن محمد أهدى غالية إلى الرشيد فدخل عليه
(٥٣١)