وأين هذه التربة قال بطوس وغابت اليد وانقطع الكلام وانتبهت فقلت يا سيدي هذه والله رؤيا بعيدة ملتبسة أحسبك أخذت مضجعك ففكرت في خراسان وحروبها وما قد ورد عليك من انتقاض بعضها قال قد كان ذاك قال قلت فلذلك الفكر خالطك في منامك من خالطك فولد هذه الرؤيا فلا تحفل بها جعلني الله فداك وأتبع هذا الغم سرورا يخرجه من قلبك لا يولد علة قال فما برحت أطيب نفسه بضروب من الحيل حتى سلى وانبسط وأمر بإعداد ما يشتهيه ويزيد في ذلك اليوم في لهوه ومرت الأيام فنسى ونسينا تلك الرؤيا فما خطرت لاحد منا ببال ثم قدر مسيره إلى خراسان حين خرج رافع فلما صار في بعض الطريق ابتدأت به العلة فلم تزل تتزايد حتى دخلنا طوس فنزلنا في منزل الجنيد بن عبد الرحمن في ضيعة له تعرف بسناباذ فبينا هو يمرض في بستان له في ذلك القصر إذ ذكر تلك الرؤيا فوثب متحاملا يقوم ويسقط فاجتمعنا إليه كل يقول يا سيدي ما حالك وما دهاك فقال يا جبريل تذكر رؤياي بالرقة في طوس ثم رفع رأسه إلى مسرور فقال جئني من تربة هذا البستان فمضى مسرور فأتى بالتربة في كفه حاسرا عن ذراعه فلما نظر إليه قال هذه والله الذراع التي رأيتها في منامي وهذه والله الكف بعينها وهذه والله التربة الحمراء ما خرمت شيئا وأقبل على البكاء والنحيب ثم مات بها والله بعد ثلاثة ودفن في ذلك البستان * وذكر بعضهم أن جبريل بن بختيشوع كان غلط على الرشيد في علته في علاج عالجه به كان سبب منيته فكان الرشيد هم ليلة مات بقتله وأن يفصله كما فصل أخا رافع ودعا بجبريل بن بختيشوع ليفعل ذلك به فقال له جبريل أنظرني إلى غد يا أمير المؤمنين فإنك ستصبح في عافية فمات في ذلك اليوم * وذكر الحسن بن علي الربعي أن أباه حدثه عن أبيه وكان جمالا معه مائة جمل قال هو حمل الرشيد إلى طوس قال قال الرشيد احفروا لي قبرا قبل أن أموت فحفروا له قال فحملته في قبة أقود به حتى نظر إليه قال فقال يا ابن آدم تصير إلى هذا * وذكر بعضهم أنه لما اشتدت به العلة أمر بقبره فحفر في موضع من الدار التي كان فيها نازلا بموضع يسمى المثقب في دار حميد بن أبي غانم الطائي
(٥٢٧)