ما يحب الله أكن لك سلما ولعل الله أن يلين لك قلب رافع إذا علم أنك قد مننت على فغضب وقال والله لو لم يبق من أجلى إلا أن أحرك شفتي بكلمة لقلت اقتلوه ثم دعا بقصاب فقال لا تشحذ مداك اتركها على حالها وفصل هذا الفاسق وعجل لا يحضرن أجلى وعضوان من أعضائه في جسمه ففصله حتى جعله أشلاء فقال عد أعضاءه فعددت له أعضاءه فإذا هي أربعة عشر عضوا فرفع يديه إلى السماء فقال اللهم كما مكنتني من ثأرك وعدوك فبلغت فيه رضاك فمكني من أخيه ثم أغمي عليه وتفرق من حضره (وفيها) مات هارون الرشيد ذكر الخبر عن سبب وفاته والموضع الذي توفى فيه * ذكر عن جبريل بن بختيشوع أنه قال كنت مع الرشيد بالرقة وكنت أول من يدخل عليه في كل غداة فأتعرف حاله في ليلته فإن كان أنكر شيئا وصفه ثم ينبسط فيحدثني بحديث جواريه وما عمل في مجلسه ومقدار شربه وساعات جلوسه ثم يسألني عن أخبار العامة وأحوالها فدخلت عليه في غداة يوم فسلمت فلم يكد يرفع طرفه ورأيته عابسا مفكرا مهموما فوقفت بين يديه مليا من النهار وهو على تلك الحال فلما طال ذلك أقدمت عليه فقلت يا سيدي جعلني الله فداك ما حالك هكذا أعلة فأخبرني بها فلعله يكون عندي دواؤها أو حادثة في بعض من تحب فذاك ما لا يدفع ولا حيلة فيه إلا التسليم والغم لا درك فيه أو فتق ورد عليك في ملكك فلم تخل الملوك من ذلك وأنا أولى من أفضيت إليه بالخبر وتروحت إليه بالمشورة فقال ويحك يا جبريل ليس غمى وكربي لشئ مما ذكرت ولكن لرؤيا رأيتها في ليلتي هذه وقد أفزعتني وملأت صدري وأفرحت قلبي قلت فرجت عنى يا أمير المؤمنين فدنوت منه فقبلت رجله وقلت أهذا الغم كله الرؤيا إنما تكون من خاطر أو بخارات ردية أو من تهاويل السوداء وإنما هي أضغاث أحلام بعد هذا كله قال فأقصها عليك رأيت كأني جالس على سريري هذا إذ بدت من تحتي ذراع أعرفها وكف أعرفها لا أفهم اسم صاحبها وفي الكف تربة حمراء فقال لي قائل أسمعه ولا أرى شخصه هذه التربة التي تدفن فيها فقلت
(٥٢٦)