من ثقات أصحابه وأولى السن والتجربة منهم فدعا كل رجل منهم سرا وخلابه ثم أخذ عليهم العهود والمواثيق أن يكتموا أمره ويطووا سره وولى كل رجل منهم كورة على نحو ما كانت حاله عنده فولى جرجان ونيسابور والطبسين ونسا وسرخس وأمر كل واحد منهم بعد أن دفع إليه عهده بالمسير إلى عمله الذي ولاه على أخفى الحالات وأسترها والتشبه بالمجتازين في ورودهم الكور ومقامهم فيها إلى الوقت الذي سماه لهم وولى إسماعيل بن حفص بن مصعب جرجان بأمر الرشيد ثم مضى حتى إذا صار من مرو على مرحلة دعا جماعة من ثقات أصحابه وكتب لهم أسماء ولد علي بن عيسى وأهل بيته وكتابه وغيرهم في رقاع ودفع إلى كل رجل منهم رقعة باسم من وكله بحفظه إذا هو دخل عليه مرو خوفا من أن يهربوا إذا ظهر أمره ثم وجه إلى علي بن عيسى إن أحب الأمير أكرمه الله أن يوجه ثقاته لقبض ما معي من أموال فعل فإنه إذا تقدم المال أمامي كان أقوى للأمير وافت في عضد أعدائه وأيضا فانى لا آمن عليه إن خلفته وراء ظهري أن يطمع فيه بعض من تسمو إليه نفسه إلى أن يقتطع بعضه ويفترض غفلتنا عند دخول المدينة فوجه على ابن عيسى جهابذته وقهارمته لقبض المال وقال هرثمة لخزانه اشغلوهم هذه الليلة واعتلوا عليهم في حمل المال بعلة تقرب من اطماعهم وتزيل الشك عن قلوبهم ففعلوا وقال لهم الخزان حتى نؤامر أبا حاتم في دواب المال والبغال ثم ارتحل نحو مدينة مرو فلما صار منها على ميلين تلقاه علي بن عيسى في ولده وأهل بيته وقواده بأحسن لقاء وآنسه فلما وقعت عين هرثمة عليه ثنى رجله لينزل عن دابته فصاح به على والله لئن نزلت لأنزلن فثبت على سرجه ودنا كل منهما من صاحبه فاعتنقا وسارا وعلى يسأل هرثمة عن أمر الرشيد وحاله وهيئته وحال خاصته وقواده وأنصار دولته وهرثمة يجيبه حتى صارا إلى قنطرة لا يجوزها إلا فارس فحبس هرثمة لجام دابته وقال لعلى سر على بركة الله فقال على لا والله لا أفعل حتى تمضى أنت فقال إذا والله لا أمضى فأنت الأمير وأنا الوزير فمضى وتبعه هرثمة حتى دخلا مرو وصارا إلى منزل على ورجاء الخادم لا يفارق هرثمة في ليل ولا
(٥١٦)