والناس أجمعين لا تقبل الله منه لا صرفا ولا عدلا ولعمري ما ولد زياد في حجر أبي سفيان ولا على فراشه ولا كان عبيد عبدا لأبي سفيان ولا سمية أمة له ولا كانا في ملكه ولا صارا إليه لسبب من الأسباب ولقد قال معاوية فيما يعلمه أهل الحفظ للأحاديث عند كلام نصر بن الحجاج بن علاط السلمي ومن كان معه من موالى بنى المغيرة المخزوميين وإرادتهم استلحاقه واثبات دعوته وقد أعدلهم معاوية حجرا تحت بعض فرشه فألقاه إليهم فقالوا له نسوغ لك ما فعلت في زياد ولا تسوغ لنا ما فعلنا في صاحبنا فقال قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خير لكم من قضاء معاوية فخالف معاوية بقضائه في زياد واستلحاقه إياه وما صنع فيه وأقدم عليه أمر الله جل وعز وقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع في ذلك هواه رغبة عن الحق ومجانبة له وقد قال الله عز وجل (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين) وقال لداود صلى الله عليه وسلم وقد آتاه الحكم والنبوة والمال والخلافة (يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض) الآية إلى آخرها فأمير المؤمنين يسأل الله أن يعصم له نفسه ودينه وأن يعيذه من غلبة الهوى ويوفقه في جميع الأمور لما يحب ويرضى إنه سميع قريب وقد رأى أمير المؤمنين أن يرد زيادا ومن كان من ولده إلى أمهم ونسبهم المعروف ويلحقهم بأبيهم عبيد وأمهم سمية ويتبع في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه الصالحون وأئمة الهدى ولا يجيز لمعاوية ما أقدم عليه مما يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكان أمير المؤمنين أحق من أخذ بذلك وعمل به لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعه آثاره وإحيائه سنته وإبطاله سنن غيره الزائغة الجائرة عن الحق والهدى وقد قال الله جل وعز (فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون) فاعلم أن ذلك من رأى أمير المؤمنين في زياد وما كان من ولد زياد فألحقهم بأبيهم زياد بن عبيد وأمهم سمية واحملهم عليه وأظهره لمن قبلك من المسلمين حتى يعرفوه ويستقيم فيهم فان أمير المؤمنين قد كتب إلى قاضى البصرة وصاحب ديوانهم بذلك والسلام عليك ورحمة
(٣٦٥)