دار المهدى ومضى إلى أبى عبيد الله فقال يا بنى هو صاحب الرجل وليس ينبغي أن نعامله على ما كنا نعامله عليه ولا أن نحاسبه بما كان منا في أمره من نصرتنا له قال فمضينا حتى أتينا باب أبى عبيد الله فما زال واقفا حتى صليت العتمة فخرج الحاجب فقال ادخل فثنى رجله وثنيت رجلي قال إنما استأذنت لك يا أبا الفضل وحدك قال اذهب فأخبره أن الفضل معي قال ثم أقبل على فقال وهذا أيضا من ذلك قال فخرج الحاجب فأذن لنا جميعا فدخلنا أنا وأبى وأبو عبيد الله في صدر المجلس على مصلى متكئ على وسادة فقلت يقوم إلى أبى إذا دخل إليه فلم يقم إليه فقلت يستوى جالسا إذا دنا فلم يفعل فقلت يدعو له بمصلى فلم يفعل فقعد أبى بين يديه على البساط وهو متكئ فجعل يسائله عن مسيره وسفره وحاله وجعل أبى يتوقع أن يسأله عما كان منه في أمر المهدى وتجديد بيعته فأعرض عن ذلك فذهب أبى يبتدئه بذكره فقال قد بلغنا نبأكم قال فذهب أبى لينهض فقال لا أرى الدروب إلا وقد غلقت فلو أقمت قال فقال أبى إن الدروب لا تغلق دوني قال بلى قد أغلقت قال فظن أبى أنه يريد أن يحتبسه ليسكن من مسيره ويريد أن يسأله قال فأقيم قال يا فلان اذهب فهئ لأبي الفضل في منزل محمد بن أبي عبيد الله مبيتا فلما رأى أنه يريد أن يخرج من الدار قال فليس تغلق الدروب دوني فأعتزم ثم قام فلما خرجنا من الدار أقبل على فقال يا بنى أنت أحمق قلت وما حمقى أنا قال تقول لي كان ينبغي لك ألا تجئ وكان ينبغي إذا جئت فحجبنا ألا تقيم حتى صليت العتمة وأن تنصرف ولا تدخل وكان ينبغي إذا دخلت فلم يقم إليك أن ترجع ولا تقيم عليه ولم يكن الصواب إلا ما عملت كله ولكن والله الذي لا إله إلا هو واستغلق في اليمين لأخلعن جاهي ولأنفقن مالي حتى أبلغ من أبى عبيد الله قال ثم جعل يضطرب بجهده فلا يجد مساغا إلى مكروهه ويحتال الجد إذ ذكر القشيري الذي كان أبو عبيد الله حجبه فأرسل إليه فجاءه فقال إنك قد علمت ما ركبك به أبو عبيد الله وقد بلغ منى كل غاية من المكروه وقد أرغت أمره بجهدي فما وجدت عليه طريقا فعندك حيلة في أمره فقال انما يؤتى أبو عبيد الله من أحد وجوه أذكرها
(٣٧٠)