بعده من الغد يوم الخميس لثلاث بقين من المحرم لارتفاع النهار ثم أذن المهدى لأهل بيته وهو في قبة كان محمد بن سليمان أهداها له مضروبة في صحن الأبواب ثم أخذ بيعتهم رجلا رجلا لنفسه ولموسى بن المهدى من بعده حتى أتى إلى آخرهم ثم خرج إلى مسجد الجماعة بالرصافة فقعد على المنبر وصعد موسى حتى كأنه دونه وقام عيسى على أول عتبة من المنبر فحمد الله المهدى وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بما أجمع عليه أهل بيته وشيعته وقواده وأنصاره وغيرهم من أهل خراسان من خلع عيسى بن موسى وتصيير الامر الذي كان عقد له في أعناق الناس لموسى ابن أمير المؤمنين لاختيارهم له ورضاهم به وما رأى من اجابتهم إلى ذلك لما رجا من مصلحتهم وألفتهم وخاف مخالفتهم في نياتهم واختلاف كلمتهم وأن عيسى قد خلع تقدمه وحللهم مما كان له من البيعة في أعناقهم وأن ما كان له من ذلك فقد صار لموسى ابن أمير المؤمنين بعقد من أمير المؤمنين وأهل بيته وشيعته في ذلك وأن موسى عامل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بأحسن السيرة وأعدلها فبايعوا معشر من حضر وسارعوا إلى ما سارع إليه غيركم فإن الخير كله في الجماعة والشر كله في الفرقة وأنا أسأل الله لنا ولكن التوفيق برحمته والعمل بطاعته وما يرضيه وأستغفر الله لي ولكم وجلس موسى دونه معتزلا للمنبر لئلا يحول بينه وبين من صعد إليه يبايعه ويمسح على يده ولا يستر وجهه وثبت عيسى قائما في مكانه وقرئ عليه كتاب ذكر الخلع له وخروجه مما كان إليه من ولاية العهد وتحليله جماعة من كان له في عنقه بيعة مما عقدوا له في أعناقهم وأن ذلك من فعله وهو طائع غير مكره راض غير ساخط محب غير مجبر فأقر عيسى بذلك ثم صعد فبايع المهدى ومسح على يده ثم انصرف وبايع أهل بيت المهدى على أسنانهم يبايعون المهدى ثم موسى ويمسحون على أيديهما حتى فرغ آخرهم وفعل من حضر من أصحابه ووجوه القواد والشيعة مثل ذلك ثم نزل المهدى فصار إلى منزله ووكل ببيعة من بقى من الخاصة والعامة خاله يزيد بن منصور فتولى ذلك حتى فرغ من جميع الناس ووفى المهدى لعيسى بما أعطاه وأرضاه مما خلعه منه من ولاية العهد وكتب
(٣٦٠)