الثاني بطريق أولى.
وقد روى محمد بن حمران (1) قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: اشترينا طعاما فزعم صاحبه أنه كاله، فصدقناه وأخذناه بكيله؟ فقال عليه السلام: لا بأس، فقلت: أيجوز أن أبيعه كما اشتريته بغير كيل؟ قال: لا، أما أنت فلا تبعه حتى تكيله " انتهى وفيه أولا ما عرفت من عدم دلالة النص، وثانيا أنه لا ينبغي التأمل في تحقق القبض في الأول، لو وهبه مثلا ما بقي من الصبرة، ثم نقل الجميع، وبه صرح بعض المحققين، وثالثا أن السيرة القطعية، بل يمكن دعوى الضرورة على خلاف ما جعله الأقوى كما هو واضح، خصوصا إذا كاله المشتري قبل الشراء ونقله، فإنه لا حاجة حينئذ إلى قبض، لأنه اشترى ما هو مقبوض له فتأمل جيدا. وستعرف إنشاء الله تحقيق أنه لا فرق فيه، بين البيع تولية وغيره في الكراهة أو الحرمة قبل القبض.
ولعل المراد من خبر محمد بن حمران (2) أنه لا يباع ثانيا مخبرا بكيله، على حسب ما أخبر به الأول، ضرورة ظهور الأخبار في مباشرة المخبر الاعتبار، والفرض أنه كذلك، فهو حينئذ تدليس محرم، أو أن المراد به ما يراد من غيره من حرمة بيع المكيل أو الموزون قبل اعتبارهما، أو كراهته مطلقا، أو إذا كان طعاما كما ستعرف ذلك في محله، من غير مدخلية لتحقق معنى القبض، وإن كان ينافيه ظاهر كلامهم الآتي الذي هو ظاهر في أن المدار على تحقق القبض فلاحظ وتأمل.
وكيف كان فلا ينبغي إلحاق المعدود بالمكيل والموزون، في أنه لا يكتفى بعده سابقا عن العد بعد العقد، لعدم النص، وتحقق القبض عرفا بما يتحقق في غيره خلافا للدروس فألحقه فيها، وهو لا يخلو من وجه، والتحقيق في ذلك كله ما سمعت، ومنه يعلم الغرابة هنا في بعض ما وقع لبعض الأصحاب. والله أعلم بحقيقة الحال.