بل لعل مقتضى الدليل خلافه، بل لعله كذلك إن أتلفه البايع أيضا، لأصالة اللزوم، لكن قد يظهر من خبر عقبة بن خالد أنه من ضمان البايع مطلقا حتى يقبضه المشتري إلا أنه محتاج إلى الجابر في تخصيص القاعدة، لتعبير أكثر الأصحاب أو جميعهم بمضمون النبوي الظاهر فيما عرفت، ويمكن حمل السرقة في خبر عقبة على الآفة السماوية، باعتبار عدم تعين من يرجع إليه بالمثل أو القيمة، ولو أتلفه المشتري فالظاهر أنه بمنزلة القبض، ونظر فيه في الرياض، ولعله لظهور خبر عقبة فيما عرفت، فينفسخ العقد ويرجع البايع عليه بالمثل أو القيمة، وستسمع لهذا البحث تتمة انشاء الله تعالى في باب القبض وفي باب بيع الثمار، بل قد يقال إن الانصاف شمول النبوي لجميع صور التلف بآفة أو بغيرها، إلا أن يكون اجماع على البعض، أو شهرة عليه بحيث يضعف الظن بإرادته منه.
وكيف كان فالنماء بعد العقد قبل التلف للمشتري كما في المسالك وغيرها، بل قيل إنه يظهر منه دعوى الوفاق عليه، لأنه نماء ملكه فالقاعدة واستصحاب الحالة السابقة يقضيان بأن الفسخ من حينه فاحتمال كون الفسخ من الأصل - كما عن التذكرة حكايته - ضعيف.
لكن في الرياض " أنه ينافي الفسخ من حينه ظاهر النص وفتوى الجماعة، فيحتاج إلى تقدير دخوله في ملك البايع آنا ما ويكون التلف كاشفا، مثل دخول الدية في ملك الميت، والعبد المأمور بعتقه في ملك المعتق عنه " قلت: قد لا يحتاج إلى هذا التقدير، ويكون المراد من النص والفتوى أن حكم هذا التالف حكم ما لو كان مالا للبايع، أي لا يستحق بالعقد ثمنا على المشتري، بمعنى أنه يبطل أثر العقد بالنسبة إلى ذلك وإن كان قد تلف وهو على ملك المشتري، وأقصاه تحكيم النبوي المنجبر بعمل الأصحاب على غيره مما يقتضي خلافه، وكان مقصود المقدر مراعاة رجحان الجمع على الطرح. والأمر سهل.