أنه بعيد، قال فيه: " العقد يثبت بنفس الايجاب والقبول، فإن كان مطلقا فإنه يلزم بالافتراق بالأبدان، وإن كان مشروطا يلزم بانقضاء الشرط، فإن كان الشرط لهما أو البايع فإذا انقضى الخيار ملك المشتري بالعقد المتقدم، وإن كان الخيار للمشتري وحده زال ملك البايع بنفس العقد لكنه لم ينتقل إلى المشتري حتى ينقضي الخيار، فإذا انقضى ملك المشتري بالعقد الأول " وذكر اللزوم أولا، ومعروفية بقاء الملك بلا مالك، لأبي حنيفة، ومالك، لا يقتضي بإرادة اللزوم من الملك المستلزمة لبطلان التفصيل حينئذ.
نعم كلامه في بيع المبسوط لا يأبى التنزيل عليه، بل ما ذكره في كتاب الفلس منه ظاهر في ذلك إن لم يكن صريحا. وسلار وإن كان قد جعل تفرق المتبايعين شرطا، لكنه قال: " ولو تقابضا ولم يفترقا بالأبدان كان البيع موقوفا، كما أن أبا الصلاح نص في المحكي عنه على أنه شرط في الصحة " ثم قال: " واعتبرنا الافتراق بالأبدان لتوقف مضيه عليه ".
وكيف كان فالذي تحصل من كلام الأصحاب أقوال ثلاثة، المشهور، والتوقف على انقضاء الخيار، والتفصيل بين خيار المشتري وحده، وغيره فيخرج عن ملك البايع في الأول دون غيره، (و) لا ريب في أن (الأول أظهر) وأصح لصدق التجارة عن تراض قبله، وعدم معقولية غير ترتب الأثر من التحليل للبيع الصادق عليه قبل انقضاء الخيار قطعا ولأن المقصود للمتعاقدين والذي وقع التراضي عليه بينهما انتقال كل من الثمن والمثمن حال العقد، فهذه المعاملة إما صحيحة كذلك عند الشارع و يثبت المطلوب، أو باطلة من أصلها، لا أنها صحيحة على غير ما قصداه وتراضيا عليه، وإثبات الخيار منهما أو من الشارع إن لم يؤكد ذلك لا ينافيه، فالمقتضي للملك حينئذ موجود والمانع منه مفقود.