ومنها لو شك في النية وقد كبر فلا يلتفت بناء على ما قلناه، وكذا على الثالث وأما على الثاني فينبغي التدارك، لكونه في محل تصح فيه، وما يقال: إن الشك في النية خارج عن المسألة، لأن الكلام بعد انعقاد الصلاة، فإذا شك في شئ منها وقد دخل في غيره لا يلتفت، لا مع عدم معلومية الانعقاد يدفعه أن المفهوم من الأخبار عدم الفرق، ضرورة اشتمالها على التكبير المتوقف انعقادها عليه أيضا، ولذا قال الشيخ في المبسوط: (ومن شك في النية فإنه يجدد إن كان في محلها، وإن انتقل إلى حالة أخرى مضى في صلاته) على أنه من المعلوم أنه لو شك في النية وهو في الركعة الثانية مثلا لا يلتفت قطعا.
وينبغي التنبيه هنا لأمور: منها ما قد عرفت سابقا أنه لا فرق عندنا في الأمور المترتبة بين المستحب والواجب، فمن شك في واجب بعد الدخول في مستحب لا يلتفت كمن شك في القراءة وهو في القنوت، بل وكذا من شك في التكبير وهو في الأذكار المتقدمة على القراءة، أخذا بظاهر الأخبار، لتحقق الغيرية في الجميع، وإطلاق كثير من الأصحاب وجوب التلافي للتكبير إن لم لم يكن قد قرأ محمول على عدم الاشتغال بشئ قبل القراءة، أو يراد بالقراءة ما يشمل ذلك، أو يكون مبنيا على أحد الوجهين السابقين في تفسير الغير، ولو كان المكلف على هيئة المصلي كما لو كان منصتا أو مشغولا بتسبيح حال قراءة الإمام وشك في التكبير مثلا فيمكن القول بعدم الالتفات، لأن هذه الأحوال غير بالنسبة للتكبير، وكذلك في المنفرد، نعم لو كان في حال ليس مترتبا بعد التكبير يلتفت.
ومنها أن الظاهر من التلافي في المحل وعدمه في خارجه العزيمة لا الرخصة، كما هو ظاهر الأخبار، فمن ترك التلافي في محله أو تلافى في غير المحل بطلت صلاته، وما عن بعضهم من احتمال كون عدم التلافي رخصة كما في الذكرى فلا يقدح تلافي المشكوك فيه بعد خروجه