لا بطلان ولا جبر مع البناء على الأكثر، لكن تنحصر حينئذ دلالته على البناء على الأكثر ولعله الذي فهمه منه الكليني، ولذا قال بعد روايته الصحيح المزبور: وروي أنه إذا سها في النافلة بنى على الأقل، إلا أنه لا بأس به للاكتفاء في جواز البناء على الأقل حينئذ بالأصل والمرسل المزبور بعد صرف ظهور تعيين البناء فيه على الأقل إلى التخيير جمعا أو الأفضلية ونحوها، أو يقال: إن التخيير لازم للنفي المذكور في الصحيح المزبور، ضرورة اندراج ما عداه من البطلان أو تعين الأكثر أو الأقل في المنفي على النسختين، سيما الأولى منهما، لصدق وجوب شئ حينئذ عليه وكونه حكما للسهو، ولعله لذا استدل بالصحيح المزبور في مصابيح العلامة الطباطبائي على التخيير بعد الاجماع كما أنه أيده به في المنتهى.
وكيف كان فما عساه يلوح من المدارك بل والذخيرة - من التوقف في جواز البناء على الأكثر، لوضوح ضعف ما ذكره بعضهم دليلا له من جواز قطع النافلة اختيارا الذي من المعلوم صدور مثل ذلك منهم عند وضوح الحكم في - المسألة مما لا يصغى إليه بعد ما عرفت، مضافا إلى إمكان دعوى استفادة جواز البناء على الأكثر هنا من ثبوته في الفريضة، بل ربما كان في أدلته هناك ما يشمل المقام، فلا ينبغي التوقف حينئذ في التخيير.
(و) لكن (إن بنى على الأقل كان أفضل) كما صرح به غير واحد، بل في الرياض لا خلاف فيه يظهر، بل قد يظهر من الذخيرة وعن غيرها الاجماع عليه، بل في المدارك لا ريب فيه، بل في المصابيح وعن المعتبر الاجماع عليه صريحا عملا باليقين وأخذا بالأشق، وللمرسل السابق، بل يتعين البناء على الأقل حيث لا يصح الأكثر كما صرح به بعضهم فيما إذا شك في الموظف والزائد أو الزائد والناقص حتى لو قلنا بجواز قطع النافلة، فإن القطع غير البناء، وإطلاق الأصحاب التخيير منزل على غير ذلك مما يصح الفعل بكل منهما قطعا، فما عن بعضهم - من احتمال إبقاء الاطلاق على حاله بحيث يشمل