وبالعكس سوى البناء على الفعل المحتمل أن يكون منشأه ظنا أو علما، فالأمر بالرجوع مع غلبة عدم معرفة الحال دليل على ذلك، إذ أقصى ما يقضى به ذلك أنه ليس يجب معرفة العلم باليقين، بل يكفي الظن به أو احتماله أيضا، وهو غير الاكتفاء بالظن بعد العلم به، على أنه يجوز أن تظهر الثمرة بعد الصلاة واختبار حال من رجع إليه، كما أنه يجوز أن يتمسك الإمام أو المأموم عند إرادة الاعتماد على أصالة عدم عروض الشك أو الظن بل البقاء على اليقين السابق، ولا حاجة حينئذ إلى اختباره بعد الصلاة، فتأمل جيدا.
والحاصل أن الصور في المقام ثلاثة: الأولى رجوع الشاك إلى المتيقن، والظاهر أنه كذلك وإن لم يحصل معه الظن، لتناول الأدلة له، مع أنه نقل عن بعضهم دعوى الشهرة عليه، فما تقدم سابقا من الاشكال فيه من بعض مشائخ مشائخنا ضعيف، الثانية رجوع الظان إليه، وقد عرفت الكلام فيه، الثالثة رجوع الشاك إلى الظان، وقد عرفت الاشكال فيه أيضا وإن كان قد يقوى رجوعه، إلا أن الاحتياط لا ينبغي تركه، وقد ذكر في الحدائق في المقام صورا تبلغ خمس عشرة صورة كلها يظهر حكمها مما تقدم ويأتي، فتأمل.
أما المتيقنان فلا يرجع أحدهما إلى الآخر من غير خلاف أجده، ووجهه واضح نعم عن بعضهم أنه قال: لو قيل بوجوب متابعة المأموم الإمام كان له وجه، وكأنه للاطلاق، وهو معارض بالاطلاق الآخر، على أن المرسل قد اشترط في رجوعه إلى الإمام عدم سهوه، والفرض أنه علم سهوه، ثم إنه كيف يجتزي بصلاة يقطع أنها خمس ركعات، وما دل على المتابعة لا يشمل ذلك قطعا، إذ المراد منها أنها في الصلاة.
وأما الشاكان فإن اتحد محل الشك فلا إشكال في لزومهما حكمه، ولا رجوع لأحدهما إلى الآخر، إذ هو ترجيح بلا مرجح، وإن اختلف محل الشك فقد قال الشهيد الثاني في روضته وتبعه عليه بعض من تأخر عنه: إنه إن جمع لشكهما رابطة رجعا إليه،