المراد الصدق العرفي الذي يخرج عن اسم الصلاة على الميت، أو يراد التباعد الممنوع منه في عرف المتشرعة، لأن الصلاة على الأموات كيفية معهودة مأخوذة يدا بيد عن صاحب الشرع، وليس ذا إثباتا للحكم الشرعي بالعرف، بل هو حفظ لكيفية مخصوصة نحو ما تسمعه منا في نظم الجماعة وفي الفعل الكثير في الصلاة، كما أنه قد يقال في الاستدلال على المطلوب زيادة على ذلك بما تسمعه من الأمر بالوقوف عند الصدر والوسط والرأس، فإنه وإن حمل على الندب لكن المراد الندب بالنسبة إلى خصوص الصدر مثلا لا أصل الوقوف عند الميت، على أن المتجه التخيير فيها وفيما ثبت جوازه من الوقوف عليه من غيرها، فالتباعد الذي لم يصدق عليه أحدها ولا هو مما ثبت جوازه ليكون أحد أفراد التخيير باق على المنع، ضرورة عدم شمول الاطلاقات له بعد تقييدها بما عرفت، فتأمل جيدا فإنه دقيق نافع، والله أعلم.
(ولا) يجوز أن (يصلى على الميت إلا بعد تغسيله) أو ما في حكمه (وتكفينه) بلا خلاف كما في كشف اللثام، بل في المدارك هذا قول العلماء كافة، ولعله الحجة، لا ما فيها من أن النبي (صلى الله عليه وآله) هكذا فعل وكذا الصحابة والتابعون، فيكون الاتيان بخلافه تشريعا محرما، إذ يناقش فيه بمنع التشريع بعد الاطلاق الذي لا يعارضه غير الظاهر من الفعل في الوجوب كي يقيد به، بناء على أن وجوب التأسي في معلوم الوجوب، اللهم إلا أن يدعى ظهوره في الوجوب بالمواظبة عليه وعدم التصريح بخلافه، أو يمنع اعتبار معرفة الوجه في وجوب التأسي، أو يقال: إنه علم من الفعل الظاهر بالتكرار وغيره في خصوصيته على غيره من الأفراد عدم إرادة ظاهر تلك الاطلاقات، إلا أنه لم يعلم وجهه، فيرجع الاطلاق حينئذ إلى الاجمال، فلا يعلم مشروعية الصلاة المتقدمة عليهما مثلا، والأصل لا يشخص، لكن الجميع كما ترى.
فالعمدة حينئذ ما عرفت لا ذلك، بل ولا ما في الذكرى من قول الصادق