وتارة تكون بالقرعة والمساهمة كما اتفق ليونس، فإنه روي (1) (أنه لما وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره الله تعالى فركب في السفينة فوقفت، فقالوا هذا عبد آبق فاقترعوا فخرجت القرعة عليه، فرمى بنفسه في الماء فالتقمه الحوت) وفي الوسائل عن علي بن طاووس في كتاب الاستخارات وأمان الأخطار باسناده إلى عبد الرحمان بن سيابة (2) قال: (خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير، فكسد علينا، فقال بعض أصحابنا: ابعث به إلى اليمين فذكرت ذلك لأبي عبد الله (عليه السلام) فقال:
ساهم بين مصر واليمين ثم فوض إلى الله عز وجل، فأي البلدين خرج اسمه في السهم فابعث إليه متاعك، فقلت: كيف أساهم؟ قال: اكتب في رقعة بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنه لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة، وأنت العالم، وأنا المتعلم فانظر في أي الأمرين خير لي حتى أتوكل عليك فيه وأعمل به، ثم اكتب مصر إن شاء الله، ثم اكتب في رقعة أخرى مثل ذلك ثم اكتب اليمين إن شاء الله، ثم اكتب في رقعة أخرى مثل ذلك ثم اكتب يحبس إن شاء الله فلا تبعث به إلى بلدة منهما، ثم أجمع الرقاع وادفعها إلى من يسترها عنك ثم أدخل يدك فخذ رقعة وتوكل على الله واعمل بها) الحديث.
وقد وقفت على خيرة بالقرعة بغير هذا الطريق بل هي بالأصابع في كيفية أخرى طويلة، وربما ادعي تجربتها إلا أني لم أعرف سندها معرفة يعتد بها في الركون إلى مثل ذلك، خصوصا إن قلنا بعدم التسامح في مثله، لعدم اندراجه في السنن، بل هو تعرف للغيب، وإن كان الأظهر أن استحباب الاستخارة بهذا الطريق أو غيره لا ريب في أنه من السنن التي يتسامح في أدلتها، فلا بأس في نية القربة للمستخير بذلك حينئذ، ولا ينافيه اشتمال الدليل على علامة الخيرة، إذ لا ريب في أن للفاعل إيقاع فعله كيف شاء،