نعم قد عرفت أنه لا بد في العامد من تذكر كونه في الصلاة، بل لا بد من تذكر كونه في المحل الذي يجب فيه الشئ، فمن تكلم عامدا غافلا عن كونه في الصلاة أو من ترك الطمأنينة غافلا عن كونه في السجود مثلا ليس من العامد في شئ، وأولى منه ما لو زعم نفسه أنه خارج عن الصلاة، وإلا لوجب الحكم بفساد صلاة من سلم زاعما الاتمام على أنه عن المنتهى (أنه لو تكلم ناسيا للصلاة لم تبطل صلاته، وعليه علماؤنا أجمع) فما يقال -: إن القاعدة تقتضي البطلان في الجميع، والمعلوم خروجه من السهو إذا كان في نفس الشئ، كأن يقع الكلام مثلا عن غير قصد أو يترك السجود كذلك فيبقى الباقي، ولا بأس بالحكم بفساد صلاة المسلم مع زعم الاتمام بعد فرض كونه من المسألة، إلا أن يدل دليل، وما عن المنتهى لا صراحة فيه في كون الكلام وقع عمدا، وعلى تقديره فهو أخص من الدعوى - ضعيف جدا، لاطلاق النص والفتوى في السهو، بل لعل الغالب في أفراده ذلك، مع ما يظهر من ملاحظة الأخبار من إطلاق السهو على المسلم بزعم الاتمام ونحوه، ولعلك تسمع لهذا الكلام تتمة إن شاء الله تعالى وكيف كان فلا فرق بين العالم بالحكم الشرعي التكليفي والوضعي والجاهل بهما أو بأحدهما معذورا كان الجاهل أو غير معذور على الأصح في الأخير، ولذلك قال:
(وكذا) أي تبطل صلاته (لو فعل ما يجب تركه أو ترك ما يجب فعله جهلا بوجوبه) أو بتوقف الصحة عليه، فيكون كالعامد غير معذور، وعن الدرة الاجماع عليه، كما عن شرح الألفية للكركي أن جاهل الحكم عامد عند عامة الأصحاب في جميع المنافيات من فعل أو ترك، مضافا إلى قول الصادق (عليه السلام) في خبر مسعدة بن زياد (1) في قوله تعالى (2): (فلله الحجة البالغة) إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي