فالمشهور وجوب الصبر إلى الركعة الثانية واختاره شيخنا في كشفه، وشيخه في منظومته، لأصالة عدم التحمل، فيقتصر منه على المتيقن، وإطلاق الجماعة لا يستفاد منه الكيفية، ولأنه لا يخلو من محذور أبدا كما صرح به جماعة منهم الإصبهاني في كشفه، قال: " فإنه إذا سجد الإمام بعد الخامس لم يخل إما أن لا يسجد معه فيبطل الاقتداء بالاخلال بالمتابعة في الفعل مع قوله (عليه السلام) (1): " إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به " أو يسجد معه فإما أن يكتفي بما أدرك قبله من الركوعات وهذا السجود وخمس ركوعات أخر وسجود ثان يتابع الإمام في الكل فيلزم نقصان ركعته الأولى عن خمس ركوعات، أو تحمل الإمام ما فاته من الركوع، ولم يعهد شئ من ذلك، أو لا يكتفي بل يسجد أخريين بعد الركوع الخامس فيزيد سجدتين وينفرد عن الاقتداء إن أتم الركوعات وحده، وإن جعل المتمم لركوعاته من ركوعات ثانية الإمام زاد أربع سجدات ".
قلت: لكن قد يستفاد من إطلاق النصوص هنا صحتها جماعة من غير تعرض لكيفيتها أنه يكفي فيها ما ثبت من هيئتها في اليومية، بل لعل المتعارف في سائر العبادات بيان كيفيتها في محل مخصوص ثم يؤكل غيره عليه، فالمتجه حينئذ ثبوت ما يثبت في اليومية هنا والظاهر جواز نية الائتمام بالبعض فيها من أول الأمر بأن يعزم على مفارقة الإمام في الأثناء، أو كان عالما بعروض ما يمنع من الاقتداء به قبل الفراغ، إذ الجماعة كما أنها مستحبة في الكل مستحبة في البعض، ولذا كان الأقوى جواز الانفراد اختيارا، فيحنئذ جاز له الائتمام بما بقي من الركوعات ثم ينفرد عنه عند إرادة السجود كما صرح به في جامع المقاصد، بل بناء على جواز تجديد نية الائتمام للذي انفرد في الأثناء كان له بعد الفراغ مما بقي عليه من الركوعات واللحوق في السجود أو فيما بعده تجديدها حينئذ