المروزي (1) قال: (قال الفقيه (ع): المريض إنما يصلي قاعدا إذا صار بالحال التي لا يقدر فيها على أن يمشي مقدار صلاته إلى أن يفرغ قائما) ولا ريب أن الأول أظهر لوجوه، منها قصور الخبر المزبور سندا ودلالة عن معارضة ما عرفت، ضرورة احتمال إرادة بيان أنه بدون هذه القدرة تحصل له مشقة في القيام لا تتحمل، فيكون الحاصل حينئذ أنه إذا عجز عن المشي مقدار صلاته قائما فله أن يقعد فيها وإن كان متمكنا من الصلاة قائما بمشقة، فلم يتلازم العجزان ولا القدرتان، لا أن المراد منه الرخصة في القعود بسبب العجز عن المشي وإن كان متمكنا من الوقوف بسهولة كي ينافي النصوص المتقدمة، ويحتاج في رفعه إلى دعوى غلبة تلازم القدرتين، أو إلى أنه كناية عن العجز عن القيام بقرينة أن المصلي قد يمكن أن يقوم مقدار الصلاة ولا يتمكن من المشي كذلك وبالعكس، وإن كان بعد التأمل ربما يرجع إلى ما ذكرنا.
وربما قيل: إن المراد منه بيان ترجيح صلاة الماشي على القاعد لا تحديد العجز كما حكي عن جماعة اختياره، منهم المفيد والفاضل والشهيد الثاني مؤيدين له بأنه إنما فقد الاستقرار، وهو كفقد الاستقلال المقدم على القعود الرافع لأصل القيام، وفيه مع أن المشي إن كان فيه - انتصاب ليس في القعود ففي القعود استقرار ليس في المشي - إن مجرد هذا الاحتمال في الخبر المزبور لا يجسر به على إثبات هذه الكيفية من العبادة المسلوب عنها اسم الصلاة في عرف المتشرعة، إذ لم يرد بها غيره قول ولا فعل كما اعترف به في كشف اللثام، ودعوى اندراجها فيما دل على اشتراط الانتقال إلى القعود بعدم استطاعة القيام، لأنه في الفرض مستطيع للقيام مقطوع بعدمها، ضرورة انسياق ما لا يشمل المشي من القيام فيها، إما لعهدية اللام، أو لأن المراد من القيام هنا في النصوص والفتاوى الوقوف، ولذا لم يذكر الأكثر اشتراط الاستقرار في القيام، ولا عقدوا له