السند ثالثا، وبالاعتضاد بما عرفت من أن الجواز مقتضى الأصول والاطلاقات، لعدم ثبوت اشتراط عدم حركة مكان المصلي الذي لا يقتضي حركته وانتقاله حركة المصلي وانتقاله، بل لعل الثابت عدمه رابعا، ودعوى الشك ممنوعة، مع أن الأصل عندنا عدم شرطية المشكوك فيه، فما في الذكرى - من أن الأصح المنع إلا لضرورة، لأن القرار ركن في القيام، وحركة السفينة تمنع من ذلك، ولأن الصلاة فيها مستلزمة للحركات الكثيرة الخارجة عن الصلاة - في غير محله، ضرورة عدم منع السفينة من ذلك، والعرف أعدل شاهد فيه وفي عدم صدق الحركة عليه أصلا، فضلا عن كونها كثيرة تندرج تحت الفعل الكثير، كما في كل ساكن بالذات متحرك بالعارض، وفرض البحث في ذلك خروج عن تحرير محل النزاع بما عرفته سابقا من كون المصلي مستوفيا لجميع ما يعتبر في الصلاة، وأنه ليس إلا سير السفينة، وإلا فالأقوى عدم الجواز حينئذ اختيارا كما ذكرنا الكلام فيه مفصلا على تقدير كون النزاع في ذلك، فتأمل. ثم قال:
وبما قلناه قال أبو الصلاح وابن إدريس في باب صلاة المسافر، حيث قال: ومن اضطر إلى الصلاة في سفينة فأمكنه أن يصلي قائما لم يجزه غير ذلك، وإن خاف الغرق وانقلاب السفينة جاز أن يصلي جالسا، وفيه أنه لا صراحة في ذلك في اشتراط الاضطرار، وإن كان مستوفيا لجميع الأفعال، ومن هنا قال في كشف اللثام بعد أن حكى عن الشهيد ما سمعت، قلت: لم يصرحا بذلك، نعم إنما تعرضا للمضطر إلى الصلاة فيها، وكذا السيد في الجمل، فانحصر التصريح بالمنع حينئذ فيه وفي بعض من تأخر عنه، لكن قد عرفت أنه قال في الدروس: وظاهر الأصحاب أن الصلاة مقيدة بالضرورة، إلا أن تكون مشدودة، وفيه - مع اعترافه في الذكرى بأن كثيرا من الأصحاب جوزوه ولم يذكروا الاختيار - أنه لا ظهور في كلمات الأصحاب بذلك كما اعترف به في كشف اللثام، واحتمال أنه أخذه من اشتراطهم الاستقرار ومنعهم من الفعل الكثير بناء على