فإن لم يفعل أو لا يتمكن منه جاز أن يصلي فيها الفرائض والنوافل سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وإذا صلى فيها صلى قائما مستقبلا للقبلة، فإذا دارت السفينة دار معها واستقبل القبلة، فإن لم يمكنه استقبل بأول تكبيرة القبلة، ثم صلى كيفما دارت، وقد روي أنه يصلي إلى صدر السفينة، وذلك يخص النوافل، وإذا لم يجد فيها ما يسجد عليه سجد على خشبها، فإن كان مقيرا غطاه بثوب ويسجد عليه، فإن لم يقدر سجد على القير عند الضرورة وأجزأه) قال في كشف اللثام ونحوه الباقي مع إهمال الضرورة في السجود على القير عدا الأخير، فليس فيه حديث السجود، ولعله غير مراد لهم.
قلت: وهو مع اختصاصه بفوات الاستقبال والقيام خاصة يمكن أن يكون ذلك منه بيانا لحال عدم التمكن من الخروج، لا لعدم الفعل اختيارا، على أنه لو سلم كون المراد من هذه العبارات ذلك فهو ومع اختصاصه بالاستقبال والقيام دون الشهرة بمراتب فضلا عن دعوى فهم الأصحاب فلا وجه للترجيح به، فضلا عن أن يعارض ما عرفت من المرجحات السابقة، وكذا لا وجه للقول بأن المراد بالصلاة في السفينة التي لا يعلم فوات الأفعال المزبورة منها ابتداء، أما المعلومة فلا إشكال في عدم الجواز فيها اختيارا لما ذكرت، وحينئذ فالشارع في الصلاة في السفينة برجاء التمكن منها تامة الأفعال إذا عرض له في الأثناء له ما لا يتمكن معه من ذلك أنقلب تكليفه، لاضطراره بالتلبس بالصلاة المحرم قطعها، ولمعلومية مراعاة حالي الاختيار والاضطرار في كل جزء من الصلاة، فالصحيح لو عرض له ما يقتضي الجلوس في الأثناء جلس، كما أن المريض يقوم لو اتفق له الصحة لذلك، وليس هذا معارضة لوجوب هذه الأفعال في الصلاة كي يتجه الكلام السابق، إذ فيه أولا أنه خلاف اطلاق عبارة المجيز ودليله، ضرورة اقتضائهما جواز ذلك في السفينة وإن علم به من أول الأمر، خصوصا بالنسبة للقيام الذي جعل في بعض